للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِـ وَكَمْ وَكُلُّ أَهْلِ عَصْرٍ قَرْنٌ لِمَنْ بَعْدَهُمْ لِأَنَّهُمْ يَتَقَدَّمُونَهُمْ، قِيلَ: سُمُّوا قَرْنًا لِاقْتِرَانِهِمْ فِي الْوُجُودِ، وَالْأَثَاثُ: مَتَاعُ الْبَيْتِ، وَقِيلَ هُوَ الْجَدِيدُ مِنَ الْفُرُشِ، وَغَيْرُ الْجَدِيدِ مِنْهَا يُسَمَّى «الْخُرْثِيَّ» بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ، وَأَنْشَدَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

تَقَادَمَ الْعَهْدُ مِنْ أُمِّ الْوَلِيدِ بِنَا ... دَهْرًا وَصَارَ أَثَاثُ الْبَيْتِ خُرْثِيًّا

وَالْإِطْلَاقُ الْمَشْهُورُ فِي الْعَرَبِيَّةِ هُوَ إِطْلَاقُ الْأَثَاثِ عَلَى مَتَاعِ الْبَيْتِ مُطْلَقًا، قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا وَاحِدَ لَهُ، وَيُطْلَقُ الْأَثَاثُ عَلَى الْمَالِ أَجْمَعَ: الْإِبِلِ، وَالْغَنَمِ، وَالْعَبِيدِ، وَالْمَتَاعِ، وَالْوَاحِدُ أَثَاثَةٌ، وَتَأَثَّثَ فُلَانٌ: إِذَا أَصَابَ رِيَاشًا، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ، وَقَوْلُهُ: وَرِئْيًا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ مَهْمُوزًا، أَيْ: أَحْسَنُ مَنْظَرًا وَهَيْئَةً، وَهُوَ فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ: رَأَى، الْبَصَرِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الَّذِي تَرَاهُ الْعَيْنُ مِنْ هَيْئَتِهِمُ الْحَسَنَةِ وَمَتَاعِهِمُ الْحَسَنِ، وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِمُحَمَّدِ بْنِ نُمَيْرٍ الثَّقَفِيِّ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلَهُ:

أَشَاقَتْكَ الظَّعَائِنُ يَوْمَ بَانُوا ... بِذِي الرِّئْيِ الْجَمِيلِ مِنَ الْأَثَاثِ

وَعَلَى قِرَاءَةِ قَالُونَ وَابْنِ ذَكْوَانَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَاهُ مَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، إِلَّا أَنَّ الْهَمْزَةَ أُبْدِلَتْ يَاءً فَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا هَمْزَ عَلَى قِرَاءَتِهِمَا أَصْلًا، بَلْ عَلَيْهَا فَهُوَ مِنَ الرِّيِّ الَّذِي هُوَ النِّعْمَةُ وَالتَّرَفُّهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: هُوَ رَيَّانٌ مِنَ النَّعِيمِ، وَهِيَ رَيًّا مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى: أَحْسَنُ نِعْمَةً وَتَرَفُّهًا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ عِنْدِي، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَالْآيَاتُ الَّتِي أَبْطَلَ اللَّهُ بِهَا دَعْوَاهُمْ هَذِهِ كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [٣ \ ١٧٨] ، وَقَوْلِهِ: وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ [٣٤ \ ٣٧] ، وَقَوْلِهِ: فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [٦٨ \ ٤٤] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [٦ \ ٤٤] ، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَقَدْ قَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

وَقَوْلُ الْكُفَّارِ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا،

<<  <  ج: ص:  >  >>