للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ الثَّابِتَةُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً وَاضِحَةٌ فِيمَا ذَكَرْنَا، مِنْ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْإِحْرَامِ عِنْدَمَا يَرْكَبُ حَالَةَ شُرُوعِهِ فِي السَّيْرِ مِنَ الْمِيقَاتِ.

وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ يَعْنِي: ذَا الْحُلَيْفَةِ. وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ يَعْنِي: ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إِذَا قِيلَ لَهُ: الْإِحْرَامُ مِنَ الْبَيْدَاءِ قَالَ: الْبَيْدَاءُ الَّتِي تَكْذِبُونَ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا مِنْ عِنْدِ الشَّجَرَةِ، حِينَ قَامَ بِهِ بِعِيرُهُ. وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ. وَفِي لَفْظٍ لَهُ أَيْضًا عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ، وَانْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَهَلَّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ. وَفِي مُسْلِمٍ عَنْهُ أَلْفَاظٌ أُخْرَى مُتَعَدِّدَةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَمُرَادُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِكَذِبِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِحْرَامِ مِنَ الْبَيْدَاءِ هُوَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِلَفْظِ: فَأَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ. الْحَدِيثَ، وَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِلَفْظِ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا، حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ: حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ، وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا، الْحَدِيثَ. وَمُرَادُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهَلَّ مُحْرِمًا حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً مِنْ مَنْزِلِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْبَيْدَاءَ، وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْتَدَأَ إِهْلَالَهُ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً فَسَمِعَهُ قَوْمٌ، ثُمَّ لَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَعَادَ تَلْبِيَتَهُ فَسَمِعَهُ آخَرُونَ لَمْ يَسْمَعُوا تَلْبِيَتَهُ الْأُولَى فَحَدَّثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا سَمِعَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَحْرَمَ فِي مُصَلَّاهُ فَسَمِعَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ عُمَرَ، حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَجَزْمُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ مَا أَهَلَّ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُهِلَّ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ، فَالْأَحَادِيثُ مُتَّفِقَةٌ وَمُرَادُ ابْنِ عُمَرَ بِالْإِنْكَارِ وَالتَّكْذِيبِ خَاصٌّ بِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>