للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَسْأَلَتِنَا، فَذَكَرْنَا فِيهَا كَلَامَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَدِلَّتِهِمْ، وَنَاقَشْنَاهَا.

وَالْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ: هِيَ إِذَا تَعَدَّدَتِ الْأَسْبَابُ، وَاتَّحَدَ مُوجَبُهَا بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ، هَلْ يَتَعَدَّدُ الْمُوجَبُ نَظَرًا لِتَعَدُّدِ أَسْبَابِهِ أَوْ لَا يَتَعَدَّدُ نَظَرًا لِاتِّحَادِهِ فِي نَفْسِهِ؟ وَأَشَارَ إِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجُمْلَةِ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي «التَّكْمِيلِ» بِقَوْلِهِ:

إِنْ يَتَعَدَّدْ سَبَبٌ وَالْمُوجَبُ ... مُتَّحِدٌّ كَفَى لَهُنَّ مُوجَبٌ

كَنَاقِضٍ سَهْوٍ وُلُوغٍ وَالْفِدَا ... حِكَايَةُ حَدِّ تَيَمُّمٍ بَدَا

وَذَا الْكَثِيرِ وَالتَّعَدُّدِ وَرَدْ ... بِخُلْفٍ أَوْ وُفْقٍ بِنَصٍّ مُعْتَمَدْ

فَقَوْلُهُ: الْمُوجَبُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ. وَقَوْلُهُ كَنَاقِضٍ يَعْنِي: أَنَّ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ إِنْ تَعَدَّدَتْ كَمَنْ بَالَ مَرَّاتٍ. أَوْ بَالَ وَنَامَ وَقَبَّلَ، فَإِنَّهُ يَكْفِي لِجَمِيعِهَا وُضُوءٌ وَاحِدٌ. وَكَذَلِكَ الْجَنَابَةُ، إِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهَا بِوَطْءٍ مَرَّاتٍ، وَإِنْزَالٍ بِلَذَّةٍ، وَاحْتِلَامٍ، وَانْقِطَاعِ حَيْضٍ، فَإِنَّهُ يَكْفِي لِجَمِيعِ ذَلِكَ غُسْلٌ وَاحِدٌ.

وَقَوْلُهُ: سَهْوٌ يَعْنِي: أَنَّ مَنْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةً، يَكْفِيهِ لِجَمِيعِهَا سُجُودُ سَهْوٍ وَاحِدٌ.

وَقَوْلُهُ: وُلُوغٌ يَعْنِي: أَنَّهُ إِذَا تَعَدَّدَ وُلُوغُ الْكَلْبِ فِي الْإِنَاءِ بِأَنْ وَلَغَ فِيهِ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةً أَوْ دَلَفَتْ فِيهِ كِلَابٌ مُتَعَدِّدَةٌ، فَإِنَّهُ يَكْفِي لِجَمِيعِ ذَلِكَ غَسْلُهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ عَلَى نَحْوِ مَا فِي الْحَدِيثِ، وَلَا يَتَعَدَّدُ الْغَسْلُ بِتَعَدُّدِ الْوُلُوغِ.

وَقَوْلُهُ: وَالْفِدَا يَعْنِي: أَنَّ مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ مُوجِبُ الْفِدْيَةِ، كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا مَخِيطًا مُطَيَّبًا تَكْفِيهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ.

قَوْلُهُ: حِكَايَةٌ يَعْنِي: أَنَّ مَنْ سَمِعَ أَذَانَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُؤَذِّنِينَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، يَكْفِيهِ حِكَايَةُ أَذَانِ وَاحِدٍ، وَلَا تَتَعَدَّدُ حِكَايَةُ الْأَذَانِ لِتَعَدُّدِ الْمُؤَذِّنِينَ.

وَقَوْلُهُ: حَدٌّ يَعْنِي: أَنَّ مَنْ زَنَى مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةً قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ يَكْفِي حَدُّهُ حَدًّا وَاحِدًا، وَلَا يَتَعَدَّدُ الْحَدُّ بِتَعَدُّدِ الزِّنَى مَثَلًا. أَمَّا إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، ثُمَّ زَنَى بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ، فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِزِنَاهُ الْوَاقِعِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ.

وَقَوْلُهُ: تَيَمُّمٌ يَعْنِي: أَنَّ الْجُنُبَ مَثَلًا الَّذِي حُكْمُهُ التَّيَمُّمُ، إِذَا أَرَادَ حَمْلَ الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِيهِ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>