الْفَرْعُ الثَّامِنُ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إِجْزَاءِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَاخْتَلَفُوا أَيُّهُمَا أَفْضَلُ، وَظَاهِرُ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ ذُكُورَ الضَّأْنِ خَيْرٌ مِنْ إِنَاثِهَا ; لِتَضْحِيَتِهِ بِالْكَبْشِ دُونَ النَّعْجَةِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: بِأَفْضَلِيَّةِ الذُّكُورِ مُطْلَقًا، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: بِأَفْضَلِيَّةِ الْإِنَاثِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ صَحِيحٌ فِي غَيْرِ ذَكَرِ الضَّأْنِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي ذَكَرِ الضَّأْنِ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ أُنْثَاهُ.
الْفَرْعُ التَّاسِعُ: اعْلَمْ أَنَّ مَنْعَ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ مَنْسُوخٌ. فَقَدْ دَلَّتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنَعَ ادِّخَارَ لَحْمِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَمَنَعَ الْمُضَحِّيَ بِأَنْ يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ، بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ، وَصَارَ الْأَكْلُ وَالِادِّخَارُ مِنْهَا مُبَاحًا مُطْلَقًا. وَسَنَذْكُرُ هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ طَرَفًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وَعَلَى نَسْخِهِ وَإِبَاحَةِ ذَلِكَ مُطْلَقًا.
قَالَ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ، وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا الْعَامَ الْمَاضِيَ؟ قَالَ: «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا» ، وَحَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ قَرِيبًا مِنْ لَفْظِ الْبُخَارِيِّ.
وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ مِنْ لُحُومِ نُسُكِنَا بَعْدَ ثَلَاثٍ» . وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لُحُومَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ فَلَا تَأْكُلُوا» .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَأْكُلُ أَحَدُكُمْ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» . وَفِي لَفْظٍ لَهُ عَنْهُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ» ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَأْكُلُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ. وَفِي لَفْظٍ: بَعْدَ ثَلَاثٍ.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقَدٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ فَقَالَتْ: صَدَقَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute