للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِي الْآيَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.

وَأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهَا: وُجُوبُ الْإِتْمَامِ بَعْدَ الشُّرُوعِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ إِلَى حُكْمِ ابْتِدَاءِ فِعْلِهَا.

وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ عَلَى وُجُوبِهَا: مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ:» الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ، لَا يَضُرُّكَ أَيَّهُمَا بَدَأْتَ «اهـ.

وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ: مَا جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثٍ فِي سُؤَالِ جِبْرِيلَ:» وَأَنْ تَحُجَّ وَتَعْتَمِرَ «، أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَرَوَاهُ الْمَجْدُ فِي» الْمُنْتَقَى «، بِلَفْظٍ قَالَ:» يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ تُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ وَتَعْتَمِرَ، وَتَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَتُتِمَّ الْوُضُوءَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ» ، الْحَدِيثَ. وَأَنَّهُ قَالَ: «هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» ، ثُمَّ قَالَ الْمَجْدُ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْجَوْزَقِيُّ فِي كِتَابِهِ «الْمُخَرَّجِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ» .

وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ عَلَى وُجُوبِهَا: مَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هَلْ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ جِهَادٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» ، اهـ. قَالَ الْمَجْدُ فِي «الْمُنْتَقَى» : رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَمِنْ أَجْوِبَةِ الْمُخَالِفِينَ عَنْ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ حَدِيثًا أَجْوَدَ فِي إِيجَابِ الْعُمْرَةِ مِنْهُ، وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي رَزِينٍ الْعَقِيلِيِّ، الَّذِي فِيهِ: «حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ» ، أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: «وَاعْتَمِرْ» ، وَارِدَةٌ بَعْدَ سُؤَالِ أَبِي رَزِينٍ، وَقَدْ قَرَّرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ الْوَارِدَةَ بَعْدَ الْمَنْعِ أَوِ السُّؤَالِ: إِنَّمَا تَقْتَضِي الْجَوَازَ لَا الْوُجُوبَ ; لِأَنَّ وُقُوعَهَا فِي جَوَابِ السُّؤَالِ عَنِ الْجَوَازِ دَلِيلٌ صَارِفٌ عَنِ الْوُجُوبِ إِلَى الْجَوَازِ، وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْرُوفٌ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي آيَاتِ الْحَجِّ هَذِهِ، وَأَجَابُوا عَنْ آيَةِ: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ، بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا: الْإِتْمَامُ بَعْدَ الشُّرُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ، وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ: «الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ» ، الْحَدِيثَ. بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُسْلِمٍ الْمَكِّيَّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي «التَّلْخِيصِ» : ثُمَّ هُوَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ زَيْدٍ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا، عَلَى زَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ، وَإِسْنَادُهُ أَصَحُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>