عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنَتَهَا أَنْ تَمْشِيَ عَنْهَا. قَالَ يَحْيَى: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَا يَمْشِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، اهـ مِنَ «الْمُوَطَّأِ» . وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ، فِي شَرْحِهِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَنْكَرَ مَالِكٌ الْأَحَادِيثَ فِي الْمَشْيِ إِلَى قُبَاءٍ، وَلَمْ يَعْرِفِ الْمَشْيَ إِلَّا إِلَى مَكَّةَ خَاصَّةً. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يَعْنِي: لَا يَعْرِفُ إِيجَابَ الْمَشْيِ لِلْحَالِفِ وَالنَّاذِرِ. وَأَمَّا الْمُتَطَوِّعُ، فَقَدْ رَوَى مَالِكٌ فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْتِي قُبَاءً رَاكِبًا وَمَاشِيًا، وَأَنَّ إِتْيَانَهُ مُرَغَّبٌ فِيهِ. اهـ فِيهِ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، أَمَّا الصَّوْمُ وَالْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ فَقَدْ قَدَّمْنَا مَشْرُوعِيَّتَهُمَا. وَإِنْ خَالَفَ جُلُّ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّوْمِ عَنِ الْمَيِّتِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي «الْمُوَطَّأِ» عَنْ مَالِكٍ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» قَالَ يَحْيَى: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» أَنْ يَنْذُرَ الرَّجُلُ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الشَّامِ، أَوْ إِلَى مِصْرَ، أَوْ إِلَى الرَّبَذَةِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ لِلَّهِ بِطَاعَةٍ، إِنْ كَلَّمَ فُلَانًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِنْ هُوَ كَلَّمَهُ، أَوْ حَنِثَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ طَاعَةٌ. وَإِنَّمَا يُوَفَّى لِلَّهِ بِمَا لَهُ فِيهِ طَاعَةٌ، اهـ. مِنَ «الْمُوَطَّأِ» .
الْفَرْعُ السَّابِعُ: الْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ جَمِيعَ مَالِهِ لِلَّهِ لِيُصْرَفَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَنَّهُ يَكْفِيهِ الثُّلُثُ وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُ الْجَمِيعِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ، وَالزُّهْرِيِّ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْعُلَمَاءِ عَشَرَةُ مَذَاهِبَ أَظْهَرُهَا عِنْدَنَا: هُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَيَلِيهِ فِي الظُّهُورِ عِنْدَنَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ كُلُّهُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالنَّخَعِيِّ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، وَعَنْ رَبِيعَةَ تَلْزَمُهُ الصَّدَقَةُ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَتَادَةَ: إِنْ كَانَ كَثِيرًا وَهُوَ أَلْفَانِ تَصَدَّقَ بِعُشْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا وَهُوَ أَلْفٌ تَصَدَّقَ بِسُبْعِهِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا، وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ تَصَدَّقَ بِخُمُسِهِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: يَتَصَدَّقُ بِالْمَالِ الزَّكَوِيِّ كُلِّهِ، وَعَنْهُ فِي غَيْرِهِ رِوَايَتَانِ.
إِحْدَاهُمَا: يَتَصَدَّقُ بِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَعَنِ النَّخَعِيِّ، وَالْبَتِّيِّ، وَالشَّافِعِيِّ: يَتَصَدَّقُ بِمَالِهِ كُلِّهِ، وَعَنِ اللَّيْثِ: إِنْ كَانَ مَلِيًّا لَزِمَهُ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَوَافَقَهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَزَادَ: وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا يُخْرِجُ قَدْرَ زَكَاةِ مَالِهِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ: لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ أَصْلًا، وَقِيلَ: يَلْزَمُ الْكُلُّ إِلَّا فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ، فَكَفَّارَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute