فَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى قَوْلِهِمْ مِثْلَ مَا ذُكِرَ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ [٢٣ \ ٣٣ - ٣٤] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا [١٧ \ ٩٤] وَقَوْلُهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا الْآيَةَ [٢٣ \ ٤٧] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ الْآيَةَ [٥٤ \ ٢٤] وَقَوْلُهُ: فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ الْآيَةَ [٦٤ \ ٦] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا [١٤ \ ١٠] . وَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي كَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِهَا فِي دَعْوَاهُمْ هَذِهِ الْبَاطِلَةِ، وَبَيَّنَ فِيهَا أَنَّ الرُّسُلَ يَأْكُلُونَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُولَدُ لَهُمْ، وَأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْبَشَرِ، إِلَّا أَنَّهُ فَضَّلَهُمْ بِوَحْيِهِ وَرِسَالَتِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ لِلْبَشَرِ مَلَكًا لَجَعَلَهُ رَجُلًا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ، لَنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مَلَكًا رَسُولًا، لِأَنَّ الْمُرْسَلَ مِنْ جِنْسِ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ، قَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ [٢٥ \ ٢٠] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً [١٣ \ ٣٨] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى [١٢ \ ١٠٩] أَيْ وَلَمْ نَجْعَلْهُمْ مَلَائِكَةً، لِأَنَّ كَوْنَهُمْ رِجَالًا وَكَوْنَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى، صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ لَيْسُوا مَلَائِكَةً، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ [٦ \ ٩] وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ لِلْكُفَّارِ: إِنَّهُ بَشَرٌ، وَإِنَّهُ رَسُولٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَشَرِيَّةَ لَا تُنَافِي الرِّسَالَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا [١٧ \ ٩٣] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [١٨ \ ١١٠] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ الْآيَةَ [٤١ \ ٦] . وَبَيَّنَ جَلَّ وَعَلَا أَنَّ الرُّسُلَ قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ الْآيَةَ [١٤ \ ١١] وَقَالَ تَعَالَى: قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا [١٧ \ ٩٥] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute