للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٢٥ \ ٧] جَمْعُ سُوقٍ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، وَقَدْ تُذَكَّرُ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا.

اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ لَوْلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ حَرْفُ تَحْضِيضٍ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَالتَّحْضِيضُ. هُوَ الطَّلَبُ بِحَثٍّ وَشِدَّةٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ:

وَبِهِمَا التَّحْضِيضُ مِزْ وَهَلَّا ... أَلَّا أَلَا وَأَوْلِيَنْهَا الْفِعْلَا

وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُضَارِعَ فِي قَوْلِهِ: فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُسْتَتِرَةٍ وُجُوبًا، لِأَنَّ الْفَاءَ فِي جَوَابِ الطَّلَبِ الْمَحْضِ الَّذِي هُوَ التَّحْضِيضُ، كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ:

وَبَعْدَ فَا جَوَابُ نَفْيٍ أَوْ طَلَبْ ... مَحْضَيْنِ أَنْ وَسَتْرُهَا حَتْمٌ نَصَبْ

وَنَظِيرُ هَذَا مِنَ النَّصْبِ بِأَنِ الْمُسْتَتِرَةِ بَعْدَ الْفَاءِ الَّتِي هِيَ جَوَابُ التَّحْضِيضِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ [٦٣ \ ١٠] لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَوْلَا أَخَّرْتَنِي طَلَبٌ مِنْهُ لِلتَّأْخِيرِ بَحَثٍّ وَشِدَّةٍ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَرْفُ التَّحْضِيضِ الَّذِي هُوَ لَوْلَا، وَنَظِيرُهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

لَوْلَا تَعُوجِينَ يَا سَلْمَى عَلَى دَنَفٍ ... فَتُخْمِدِي نَارَ وَجْدٍ كَادَ يُفْنِيهِ

فَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: فَأَصَّدَّقَ بِالنَّصْبِ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ: فَتُخْمِدِي مَنْصُوبٌ أَيْضًا، بِحَذْفِ النُّونِ، لِأَنَّ الْفَاءَ فِي جَوَابِ الطَّلَبِ الْمَحْضِ الَّذِي هُوَ التَّحْضِيضُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ جَزْمَ الْفِعْلِ الْمَعْطُوفِ عَلَى الْفِعْلِ الْمَنْصُوبِ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ إِنَّمَا سَاغَ فِيهِ الْجَزْمُ، لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ لَوْ حُذِفَتْ مَعَ قَصْدِ جَوَابِ التَّحْضِيضِ لَجُزِمَ الْفِعْلُ، وَجَوَازُ الْجَزْمِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ الْحَذْفِ الْمَذْكُورِ، هُوَ الَّذِي سَوَّغَ عَطْفَ الْمَجْزُومِ عَلَى الْمَنْصُوبِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ:

وَبَعْدَ غَيْرِ النَّفْيِ جَزْمًا اعْتُمِدْ ... إِنْ تُسْقِطِ الْفَا وَالْجَزَاءُ قَدْ قُصِدْ

وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَشَارَ لَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّ لَوْلَا فِي الْآيَةِ لِلِاسْتِفْهَامِ، لَيْسَ بِصَحِيحٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>