وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [٥ \ ٤٩ - ٥٠] .
فَهَلْ فِي أُولَئِكَ الْمُشَرِّعِينَ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّ حُكْمَهُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِاتِّبَاعِ الْهَوَى؟ وَأَنَّ مَنْ تَوَلَّى عَنْهُ أَصَابَهُ اللَّهُ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِ؟ لِأَنَّ الذُّنُوبَ لَا يُؤَاخَذُ بِجَمِيعِهَا إِلَّا فِي الْآخِرَةِ؟ وَأَنَّهُ لَا حُكْمَ أَحْسَنُ مِنْ حُكْمِهِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ؟
سُبْحَانَ رَبِّنَا وَتَعَالَى عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ [٦ \ ٥٧] .
فَهَلْ فِيهِمْ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ يَقُصُّ الْحَقَّ، وَأَنَّهُ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ؟
وَمِنْهَا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا الْآيَةَ [٦ \ ١١٤ - ١١٥] .
فَهَلْ فِي أُولَئِكَ الْمَذْكُورِينَ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ هَذَا الْكِتَابَ مُفَصَّلًا، الَّذِي يَشْهَدُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ، وَبِأَنَّهُ تَمَّتْ كَلِمَاتُهُ صِدْقًا وَعَدْلًا - أَيْ صِدْقًا فِي الْأَخْبَارِ، وَعَدْلًا فِي الْأَحْكَامِ - وَأَنَّهُ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ؟
سُبْحَانَ رَبِّنَا، مَا أَعْظَمَهُ، وَمَا أَجَلَّ شَأْنَهُ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ [١٠ \ ٥٩] .
فَهَلْ فِي أُولَئِكَ الْمَذْكُورِينَ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الرِّزْقَ لِلْخَلَائِقِ، وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَحْلِيلٌ وَلَا تَحْرِيمٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ؟ لِأَنَّ مِنَ الضَّرُورِيِّ أَنَّ مَنْ خَلَقَ الرِّزْقَ وَأَنْزَلَهُ هُوَ الَّذِي لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ؟
سُبْحَانَهُ - جَلَّ وَعَلَا - أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ فِي التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [٥ \ ٤٤] .