للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَفِيهِ حَدِيثَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ خِصَاءِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَالْخَيْلِ» .

وَالْآخَرُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ صَبْرِ الرُّوحِ وَخِصَاءِ الْبَهَائِمِ» ، وَالَّذِي فِي «الْمُوَطَّأِ» مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْإِخْصَاءَ، وَيَقُولُ: فِيهِ تَمَامُ الْخَلْقِ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ، يَعْنِي فِي تَرْكِ الْإِخْصَاءِ: تَمَامُ الْخَلْقِ، وَرُوِيَ نَمَاءُ الْخَلْقِ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: بَعْدَ أَنْ سَاقَ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي ذَكَرْنَا: قُلْتُ: أَسْنَدَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْغَنِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا تَخْصُوا مَا يُنَمِّي خَلْقَ اللَّهِ» رَوَاهُ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ شَيْخُهُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا قُرَادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فَذَكَرَهُ.

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ. اهـ مِنَ الْقُرْطُبِيِّ بِلَفْظِهِ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ الْوَشْمُ، فَهُوَ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْوَشْمَ حَرَامٌ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [٥٩ \ ٧] .

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْأَحْجَارَ وَالنَّارَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ لِلِاعْتِبَارِ وَلِلِانْتِفَاعِ بِهَا، فَغَيَّرَهَا الْكَفَّارُ بِأَنْ جَعَلُوهَا آلِهَةً مَعْبُودَةً.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْأَنْعَامَ لِتُرْكَبَ وَتُؤْكَلَ، فَحَرَّمُوهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَجَعَلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْحِجَارَةَ مُسَخَّرَةً لِلنَّاسِ، فَجَعَلُوهَا آلِهَةً يَعْبُدُونَهَا، فَقَدْ غَيَّرُوا مَا خَلَقَ اللَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>