وَقَدْ قَالَ قَوْمُ صَالِحٍ مِثْلَ ذَلِكَ لِصَالِحٍ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى - عَنْهُمْ: أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ [٥٤ \ ٢٥] .
فَقُلُوبُ الْكُفَّارِ مُتَشَابِهَةٌ، فَكَانَتْ أَعْمَالُهُمْ مُتَشَابِهَةً.
كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ [٢ \ ١١٨] . وَقَالَ - تَعَالَى -: أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [٥١ \ ٥٣] .
وَأَمَّا اقْتِرَاحُهُمْ إِنْزَالَ الْوَحْيِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ خُصُوصِيَّتَهُ بِذَلِكَ دُونَهُمْ - فَقَدْ ذَكَرَهُ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ [٦ \ ١٢٤] . وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي «الْمُدَّثِّرِ» : بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً [٧٤ \ ٥٢] . أَيْ تَنْزِلُ عَلَيْهِ صُحُفٌ بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ، كَمَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ.
وَفِي الْآيَةِ قَوْلٌ آخَرُ مَعْرُوفٌ.
وَأَمَّا إِنْكَارُهُ - تَعَالَى - اقْتِرَاحُ إِنْزَالِ الْوَحْيِ عَلَى غَيْرِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَمْزَةُ الْإِنْكَارِ الْمُتَضَمِّنَةُ مَعَ الْإِنْكَارِ لِتَجِهِيلِهِمْ وَتَسْفِيهِ عُقُولِهِمْ فِي قَوْلِهِ: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ - فَقَدْ أَشَارَ - تَعَالَى - إِلَيْهِ مَعَ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي «الْأَنْعَامِ» ; لِأَنَّهُ - تَعَالَى - لَمَّا قَالَ: وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ [٦ \ ١٢٤] أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ رَدًّا عَلَيْهِمْ وَإِنْكَارًا لِمَقَالَتِهِمْ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [٦ \ ١٢٤] .
ثُمَّ أَوعَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ [٦ \ ١٢٤] .
وَأَمَّا كَوْنُهُ - تَعَالَى - هُوَ الَّذِي تَوَلَّى قِسْمَةَ مَعِيشَتِهِمْ بَيْنَهُمْ - فَقَدْ جَاءَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ [١٦ \ ٧١] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا [١٧ \ ٢١] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ [٣٩ \ ٥٢] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute