للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا هُوَ عَيْنُ الْإِدْرَاكِ أَشَدُّ مِنْ إِدْرَاكِ الْإِنْسَانِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: " لَا يَسْمَعُ صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ مِنْ حَجَرٍ، وَلَا مَدَرٍ، وَلَا شَجَرٍ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " فَبِمَ سَيَشْهَدُ إِنْ لَمْ يَكُ مُدْرِكًا الْأَذَانَ وَالْمُؤَذِّنَ.

وَعَنْ إِدْرَاكِ الطَّيْرِ قَالَ تَعَالَى عَنِ الْهُدْهُدِ يُخَاطِبُ نَبِيَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) [٢٧ \ ٢٢ - ٢٤] .

فَفِي هَذَا السِّيَاقِ عَشْرُ قَضَايَا يُدْرِكُهَا الْهُدْهُدُ وَيُفْصِحُ عَنْهَا لِنَبِيِّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ.

الْأُولَى: إِدْرَاكُهُ أَنَّهُ أَحَاطَ بِمَا لَمْ يَكُنْ فِي عِلْمِ سُلَيْمَانَ.

الثَّانِيَةُ: مَعْرِفَتُهُ لِسَبَأٍ بِعَيْنِهَا دُونَ غَيْرِهَا، وَمَجِيئُهُ مِنْهَا بِنَبَأٍ يَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ.

الثَّالِثَةُ: مَعْرِفَتُهُ لِتَوْلِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِمْ مَعَ إِنْكَارِهِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.

الرَّابِعَةُ: إِدْارَكُهُ مَا أُوتِيَتْهُ سَبَأٌ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

الْخَامِسَةُ: أَنَّ لَهَا عَرْشًا عَظِيمًا.

السَّادِسَةُ: إِدْرَاكُهُ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ السُّجُودِ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ.

السَّابِعَةُ: إِدْرَاكُهُ أَنَّ هَذَا شِرْكٌ بِاللَّهِ تَعَالَى.

الثَّامِنَةُ: أَنَّ هَذَا مِنْ تَزْيِينِ الشَّيْطَانِ لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ.

التَّاسِعَةُ: أَنَّ هَذَا ضَلَالٌ عَنِ السَّبِيلِ الْقَوِيمِ.

الْعَاشِرَةُ: أَنَّهُمْ لَا يَهْتَدُونَ.

وَقَدِ اقْتَنَعَ سُلَيْمَانُ بِإِدْرَاكِ الْهُدْهُدِ لِهَذَا كُلِّهِ فَقَالَ لَهُ: (سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [٢٧ \ ٢٧] ، وَسَلَّمَهُ رِسَالَةً، وَبَعَثَهُ سَفِيرًا إِلَى بِلْقِيسَ وَقَوْمِهَا: اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ [٢٧ \ ٢٨] ، وَكَانَتْ سِفَارَةً مُوَفَّقَةً جَاءَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>