للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّيْطَانِ فَخُدِعَ بِقَسَمِ إِبْلِيسَ بِاللَّهِ تَعَالَى: وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ [٧ \ ٢١] ، وَكَانَتْ مَعْصِيَةٌ عَنْ إِغْوَاءٍ وَوَسْوَسَةٍ: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ [٢ \ ٣٦] .

أَمَّا إِبْلِيسُ، فَكَانَ عِصْيَانُهُ عَنْ سَبْقِ إِصْرَارٍ، وَعَنْ حَسَدٍ وَاسْتِكْبَارٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [٢ \ ٣٤] ، وَلَمَّا خَاطَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَأَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ [٣٨ \ ٧٥] ، قَالَ فِي إِصْرَارِهِ وَحَسَدِهِ وَتَكَبُّرِهِ: قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [٣٨ \ ٧٦] .

فَاخْتَلَفَتِ الدَّوَافِعُ وَكَانَ لَدَى إِبْلِيسَ مَا لَيْسَ لَدَى آدَمَ فِي سَبَبِ الْعِصْيَانِ وَبِالتَّالِي اخْتَلَفَتِ النَّتَائِجُ، فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ مُخْتَلِفَةً تَمَامًا. أَمَّا آدَمُ فَحِينَ عَاتَبَهُ عَلَى أَكْلِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ [٧ \ ٢٢] رَجَعَا حَالًا، وَاعْتَرَفَا بِذَنْبِهِمَا قَائِلِينَ: قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [٧ \ ٢٣] ، وَكَانَتِ الْعُقُوبَةُ لَهُمَا قَوْلَهُ تَعَالَى: قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ [٧ \ ٢٤] .

فَكَانَ هُبُوطُ آدَمَ مُؤَقَّتًا، وَلَحِقَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [٢ \ ٣٨] ، فَأَدْرَكَتْهُ هِدَايَةُ اللَّهِ، ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [٢ \ ٣٧] .

أَمَّا نَتِيجَةُ إِبْلِيسَ فَلَمَّا عَاتَبَهُ تَعَالَى فِي مَعْصِيَتِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَأَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ [٣٨ \ ٧٥] ، كَانَ جَوَابُهُ اسْتِعْلَاءً، وَتَعَاظُمًا، عَلَى النَّقِيضِ مِمَّا كَانَ فِي جَوَابِ آدَمَ إِذْ قَالَ: قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [٣٨ \ ٧٦] ، فَكَانَ جَوَابُهُ كَذَلِكَ عَكْسَ مَا كَانَ جَوَابًا عَلَى آدَمَ: قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ [٣٨ \ ٧٧ - ٧٨] .

وَلَقَدْ قَالُوا: إِنَّ الَّذِي جَرَّ عَلَى إِبْلِيسَ هَذَا كُلَّهُ هُوَ الْحَسَدُ، حَسَدَ آدَمَ عَلَى مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ فَاحْتَقَرَهُ، وَتَكَبَّرَ عَلَيْهِ، فَوَقَعَ فِي الْعِصْيَانِ، وَكَانَتْ نَتِيجَتُهُ الطَّرْدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>