الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ لَا زَكَاةَ فِيهِ.
وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ فِيهِ بِنِسْبَةٍ مِنَ التَّبِيعِ، وَقَدِ اشْتَرَطَ لِزَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ النَّسْلَ وَالسَّوْمَ، وَأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْمَعْلُوفَةِ، وَلَا الَّتِي لِلْعَمَلِ: كَالْإِبِلِ لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا، وَالْبَقَرِ لِلْحَرْثِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَعْلُوفَةِ وَفِي الْعَوَامِلِ الزَّكَاةُ، قَالَ فِي الْمُوَطَّإِ مَا نَصُّهُ: فِي الْإِبِلِ النَّوَاضِحِ وَالْبَقَرِ السَّوَاقِي وَبَقَرِ الْحَرْثِ ; إِنِّي أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إِذَا وَجَبَتْ فِيهِ الصَّدَقَةُ. وَاسْتَدَلُّوا لِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلِ: مِنْ جِهَةِ النُّصُوصِ.
وَالثَّانِي: مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.
أَمَّا النُّصُوصُ ; فَمَا جَاءَ عَامًّا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَنْصِبَاءِ الزَّكَاةِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهُ الْغَنَمُ، فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، لِعُمُومِهِ فِي السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ. هَذَا فِي الْإِبِلِ، وَكَذَلِكَ فِي الْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، أَيْ: بِدُونِ قَيْدِ السَّوْمِ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى: فَقَالَ الْبَاجِيُّ: إِنَّ كَثْرَةَ النَّفَقَاتِ وَقِلَّتَهَا إِذَا أَثَّرَتْ فِي الزَّكَاةِ ; فَإِنَّهَا تُؤَثِّرُ فِي تَخْفِيفِهَا وَتَثْقِيلِهَا وَلَا تُؤَثِّرُ فِي إِسْقَاطِهَا وَلَا إِثْبَاتِهَا: كَالْخُلْطَةِ، وَالتَّفْرِقَةِ، وَالسَّقْيِ، وَالنَّضْحِ، وَالسَّبْحِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ إِلَّا تَخْفِيفَ النَّفَقَةِ وَتَثْقِيلَهَا.
وَأَمَّا التَّمَكُّنُ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَعَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ لَا يَمْنَعُ عَلْفُهَا مِنَ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ، وَرَدَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَدِلَّةِ مَالِكٍ أَيْضًا بِأَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلِ: مِنْ جِهَةِ النُّصُوصِ.
وَالثَّانِي: مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.
أَمَّا النُّصُوصُ: فَمَا جَاءَ مِنَ الْإِبِلِ فِي حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، وَفِيهِ: «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْإِبِلِ سَائِمَةٌ ابْنَةُ لَبُونٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
وَفِي الْغَنَمِ حَدِيثُ: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَفِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالُوا: جَاءَ قَيْدُ السَّوْمِ فِي الْحَدِيثَيْنِ، وَأَدِلَّةُ مَالِكٍ مُطْلَقَةٌ ; وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.