الْخَامِسَةُ: الشَّاهِدُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ ; إِذَا قَذَفَ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ، فَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ، وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ.
السَّادِسَةُ: الَّذِي يُتَوَسَّمُ فِيهِ الْعَدَالَةُ ; تَجُوزُ دُونَ تَزْكِيَةٍ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ فِي السَّفَرِ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ، وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ تَزْكِيَتِهِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِمَجْهُولِ الْحَالِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّحَرِّي عَنْهُ حَتَّى يَنْكَشِفَ أَمْرُهُ.
السَّابِعَةُ: الَّذِي لَا يُتَوَسَّمُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَلَا الْجَرْحَةُ ; فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ دُونَ تَزْكِيَةٍ، إِلَّا أَنَّ شَهَادَتَهُ تَكُونُ شَبِيهَةً فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، فَتُوجِبُ الْيَمِينَ، وَتُوجِبُ الْحَمِيلَ، وَتَوْقِيفَ الشَّيْءِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
الثَّامِنَةُ: الَّذِي يُتَوَسَّمُ فِيهِ الْجَرْحَةُ ; فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ دُونَ تَزْكِيَةٍ، وَلَا تَكُونُ شَهَادَتُهُ شُبْهَةً تُوجِبُ حُكْمًا.
التَّاسِعَةُ: الشَّاهِدُ الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ جَرْحَةٌ قَدِيمَةٌ أَوْ يَعْلَمُهَا الْحَاكِمُ فِيهِ ; فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ دُونَ تَزْكِيَةٍ، وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ التَّزْكِيَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ مِمَّنْ عَلِمَ بِجَرْحَتِهِ إِذَا شَهِدَ عَلَى تَوْبَتِهِ مِنْهَا، وَنُزُوعِهِ مِنْهَا، وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ بِمَنْزِلَتِهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ ; لِأَنَّ تَزْكِيَتَهُ لَا تَجُوزُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ بِمَعْرِفَةٍ تُزِيدُهُ فِي الْخَبَرِ.
الْعَاشِرَةُ: الْمُقِيمُ عَلَى الْجَرْحَةِ الْمَشْهُودُ بِهَا ; فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَلَا تُقْبَلُ التَّزْكِيَةُ فِيهِ وَإِنْ زُكِّيَ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ إِذَا تَابَ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: شَاهِدُ الزُّورِ ; فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ، وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ شَهَادَتَهُ تَجُوزُ إِذَا تَابَ وَعُرِفَتْ تَوْبَتُهُ بِتَزَيُّدِ حَالِهِ فِي الصَّلَاحِ.
قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا فِي قَوْلِ مَالِكٍ، فَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مِنَ الْقَوْلِ.
وَقِيلَ: مَعْنَى رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ إِذَا جَاءَ تَائِبًا مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
وَقَدْ أَوْرَدْنَا هَذِهِ الْمَرَاتِبَ ; لِأَنَّهَا شَمِلَتْ أَنْوَاعَ الشُّهُودِ قُوَّةً وَضَعْفًا، وَفِيمَا تُقْبَلُ شَهَادَاتُهُمْ.