للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَنْبِيهٌ.

وَقَدْ قِيلَ فِي تَفْرِيقِ الشُّهُودِ: إِنَّ هَذَا فِي الزِّنَا خَاصَّةً، وَقِيلَ: لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَهُمْ مَتَى مَا رَأَى ذَلِكَ، وَأَنَّ أَوَّلَ مَنْ فَرَّقَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - تَفْرِيقَ الشُّهُودِ فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ كَلَامٌ فِي قَضِيَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي رُمِيَتْ بِالزِّنَا، وَاخْتُلِفَ فِي تَحْلِيفِ الشَّاهِدِ.

فَالْجُمْهُورُ: لَا يُحَلَّفُ، وَرَجَّحَ ابْنُ الْقَيِّمِ جَوَازَهُ فِيمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلضَّرُورَةِ كَالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ، وَالْكَافِرِ فِي السَّفَرِ، وَمَدَارُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ لِصِدْقِ الشَّاهِدِ، وَذَلِكَ يَدُورُ عَلَى أَصْلَيْنِ:

الْأَوَّلُ: هُوَ الضَّابِطُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى [٢ \ ٢٨٢] .

وَالثَّانِي: الْعَدَالَةُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [٤٩ \ ٦] ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَلِلشَّهَادَةِ مَبَاحِثُ عَدِيدَةٌ اكْتَفَيْنَا بِمَا أَوْرَدْنَا.

وَقَدْ بَحَثَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَبَاحِثَ الشَّهَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَالْمَوْضُوعُ فِي كِتَابِ الطُّرُقِ الْحِكَمِيَّةِ.

تَنْبِيهٌ.

لِلشَّهَادَةِ عَلَاقَةٌ بِالْيَمِينِ فِي الْحُكْمِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «شَاهِدَانِ أَوْ يَمِينُهُ» .

فَمَا هِيَ تِلْكَ الْعَلَاقَةُ؟ وَبَيَّنَ هَذِهِ الْعَلَاقَةَ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ [٦ \ ١٩] ، وَقَوْلُهُ: أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [٤١ \ ٥٣] ، وَقَوْلُهُ: وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ [٢١ \ ٧٨] ، وَقَوْلُهُ: هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ [٤٦ \ ٨] . وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى: شَاهِدٌ وَمُطَّلِعٌ عَلَى أَحْوَالِ الْعِبَادِ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، يَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>