للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ أُثِيرَتْ مَرَّةً أُخْرَى، وَبِشَكْلٍ آخَرَ أَثَارَهَا أَعْدَاءُ الْمُسْلِمِينَ مَكِيدَةً لِلسُّذَّجِ، فَأُثِيرَتْ مِنَ النَّاحِيَةِ الِاقْتِصَادِيَّةِ.

وَكَانَ مَبْدَؤُهَا الْمَعْرُوفُ عِنْدَ كُتَّابِ هَذَا الْعَصْرِ بِنَظَرِيَّةِ: " مَالْتِسْ " وَالْآنَ لِغَرَضٍ عَسْكَرِيٍّ لِتَقْلِيلِ عَدَدِ جُنُودِ الْمُسْلِمِينَ، حِينَمَا عَلِمَ الْعَدُوُّ أَنَّ الْإِسْلَامَ يُبِيحُ تَعَدُّدَ الزَّوْجَاتِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ، فَأَرَادُوا أَنْ يُوقِفُوا هَذَا النُّمُوَّ.

وَيَكْفِي أَنْ نُورِدَ هُنَا قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا ; فَإِنِّي مُبَاهٍ بِكُمُ الْأُمَمَ ".

وَفِي رِوَايَةٍ: " مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ ".

وَفِيهِ: " تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ " وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَقَدْ كُنْتُ جَمَعْتُ فِي ذَلِكَ بَحْثًا فِي مُحَاضَرَةٍ وَافِيَةٍ فِي هَذَا الْغَرَضِ، مِنْ حَيْثُ السِّيَاسَةِ وَالِاقْتِصَادِ، وَالدِّفَاعِ مَعَ عَمَلِ إِحْصَائِياتٍ لِلدُّوَلِ الَّتِي تُطَالِبُ بِهَذَا الْعَمَلِ، مِمَّا يَدْفَعُ رَأْيَ كُلِّ قَائِلٍ بِهِ.

وَالَّذِي يَهُمُّنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ تَنْبِيهُ الْمُسْلِمِينَ، إِلَى أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِلَى تَحْدِيدِ أَوْ تَنْظِيمِ النَّسْلِ مَنْشَؤُهَا مِنَ الْيَهُودِ، وَتَشْجِيعُهَا فِي الشَّرْقِ مِنْ دُوَلِ الْغَرْبِ، وَكَثِيرٌ مِنَ الدُّوَلِ الْغَرْبِيَّةِ تَبْذُلُ الْمَالَ الطَّائِلَ لِتُفْشِيَ هَذَا الْأَمْرَ فِي دُوَلِ الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ، وَخَاصَّةً الْإِسْلَامِيَّةَ وَالْعَرَبِيَّةَ.

التَّنْبِيهُ الثَّانِي: وَهُوَ حَوْلَ مَا يُصَرِّحُ بِهِ دُعَاةُ تَحْرِيرِ الْمَرْأَةِ فِي صُورَةِ مُنَاصَرَةٍ لَهَا، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُمْ دُعَاةُ شَقَائِهَا وَمُعَادَاةٌ لَهَا، وَهَدْمٌ لِمَا مَكَّنَهَا اللَّهُ مِنْهُ فِي ظِلِّ الْإِسْلَامِ.

وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ هَذِهِ حَالَةٌ مِنْ حَالَاتِهَا تُوءَدُ حَيَّةً، وَتُورَثُ كَالْمَتَاعِ، وَمُهْمَلَةَ الشَّخْصِيَّةِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. فَحَبَاهَا الْإِسْلَامُ مَا يُثْبِتُ شَخْصِيَّتَهَا ابْتِدَاءً مِنْ إِيفَائِهَا حَقَّهَا فِي الْحَيَاةِ كَالرَّجُلِ، ثُمَّ اخْتِيَارِهَا فِي الزَّوَاجِ، وَحَقِّهَا فِي الْمِيرَاثِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

وَقَدْ تَقَدِّمَ الْحَدِيثُ عَنْ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ مَحِلَّاتٍ، مِنْهَا لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ [٤ \ ٣٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>