للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَدَيْهِ، فَتَتَقَارَبُ جَوَانِبُهُ فَيَنْقُصُ مَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ، وَلِذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ إِنَاءُ الْكَيْلِ صَلْبًا، وَالْغَالِبُ جَعْلُهُ مِنَ الْخَشَبِ أَوْ مَا يُعَادِلُهُ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ خَشَبًا مَنْقُورًا مِنْ جَوْفِهِ، وَلَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِالتَّجْوِيفِ إِلَى نِهَايَةِ الْمِقْدَارِ الْمَطْلُوبِ، فَيُرَى مِنْ خَارِجِهِ كَبِيرًا، وَلَكِنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ صَغِيرٌ لِقُرْبِ قَعْرِهِ.

وَمِنْهَا: قَدْ يَكُونُ مَنْقُورًا إِلَى نِهَايَةِ الْحَدِّ الْمَطْلُوبِ، وَلَكِنَّهُ يُدْخِلُ فِيهِ شَيْئًا يَشْغَلُ فَرَاغَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ، وَيُثَبِّتُهُ فِي قَعْرِهِ. فَيَنْقُصُ مَا يُكَالُ بِقَدْرِ مَا يَشْغَلُ الْفَرَاغَ الْمَذْكُورَ، فَقَدْ يَضَعُ وَرَقًا أَوْ خِرَقًا أَوْ جِبْسًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.

ثَانِيًا: مِنْ نَاحِيَةِ الْمِيزَانِ قَدْ يَبْرُدُ السَّنْجَ، أَيْ مَعَايِيرَ الْوَزْنِ حَتَّى يَنْقُصَ وَزْنُهَا، وَقَدْ يُجَوِّفُ مِنْهَا شَيْئًا وَيَمْلَأُ التَّجْوِيفَ بِمَادَّةٍ أَخَفَّ مِنْهَا.

وَلِذَا يَجِبُ أَنْ يَتَفَقَّدَ أَجْزَاءَ الْمَعَايِيرِ، وَقَدْ يَتَّخِذُ مُعَايَرًا مِنَ الْحَجَرِ فَتَتَنَاقَصُ بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ بِسَبَبِ مَا يَتَحَتَّتُ مِنْهَا عَلَى طُولِ الْأَيَّامِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَضَعَ تَحْتَ الْكِفَّةِ الَّتِي يَزِنُ فِيهَا السِّلْعَةَ شَيْئًا مُثْقِلًا لَاصِقًا فِيهَا، لِيَنْتَقِصَ مِنَ الْمَوْزُونِ بِقَدْرِ هَذَا الشَّيْءِ.

وَلِكَيْلَا يَظْهَرَ هَذَا، فَتَرَاهُ دَائِمًا يَضَعُ الْمِعْيَارَ فِي الْكِفَّةِ الثَّانِيَةِ لِتَكُونَ رَاجِحَةً بِهَا.

وَهُنَاكَ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ، كَأَنْ يَطْرَحَ السِّلْعَةَ فِي الْكِفَّةِ بِقُوَّةٍ، فَتُرَجَّحُ بِسَبَبِ قُوَّةِ الدَّفْعِ، فَيَأْخُذَ السِّلْعَةَ حَالًا قَبْلَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَعْلَى، مُوهِمًا النَّاظِرَ أَنَّهَا رَاجِحَةٌ بِالْمِيزَانِ.

أَمَّا آلَةُ الذَّرْعِ، فَقَدْ يَكُونُ الْمِقْيَاسُ كَامِلًا وَافِيًا، وَلَكِنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَقِيسَ الْمِتْرَ الْأَوَّلَ يَدْفَعُ بِالْآلَةِ إِلَى الْخَلْفِ، وَيَسْحَبُ بِالْمَذْرُوعِ إِلَى الْأَمَامِ بِمِقْدَارِ الْكَفِّ مَثَلًا، فَيَكُونُ النَّقْصُ مِنَ الْمَذْرُوعِ بِقَدْرِ مَا سَحَبَ مِنَ الْقُمَاشِ.

وَكُلُّهَا أُمُورٌ قَدْ تَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، وَقَدْ وَقَعَ لِي مَعَ بَائِعٍ أَنْ لَاحَظْتُ عَلَيْهِ فِي مِيزَانٍ مِمَّا يَرْفَعُهُ بِيَدِهِ حَتَّى أَعَادَ الْوَزْنَ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَأْتِي بِطَرِيقَةٍ تُغَايِرُ الْأُخْرَى، حَتَّى قَضَى مَا عِنْدَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ لِي: لَا أَبِيعُ بِهَذَا السِّعْرِ، فَقُلْتُ لَهُ: خُذْ مَا تُرِيدُ وَزِنْ كَمَا أُرِيدُ، فَطَلَبَ ضِعْفَ الثَّمَنِ، فَأَعْطَيْتُهُ فَأَعْطَانِي الْمِيزَانَ لِأَزِنَ بِنَفْسِي.

وَهُنَا يَنْبَغِي أَنْ نُنَبِّهَ عَلَى حَالَاتِ الْبَاعَةِ، حِينَمَا يَكُونُ السِّعْرُ مُرْتَفِعًا وَتَجِدُ بَائِعًا يَبِيعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>