للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ وُقُوعَ الْإِشْكَالِ فِي السِّنِّ يُوجِبُ سُقُوطَ اعْتِبَارِ حُكْمِ السَّبْقِ فَبَطَل تَحْكِيمُهُ فَبَقِيَ الْحُكْمُ لِلْوَقْتِ فَالْأَسْبَقُ أَوْلَى وَهَذَا يُشْكِلُ بِالْخَارِجِ مَعَ ذِي الْيَدِ وَإِنْ خَالَفَ الْوَقْتَيْنِ جَمِيعًا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرنَا فِي الْخَارِجِ مَعَ ذِي الْيَدِ

وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ وَالْآخَرُ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ فَبَيِّنَةُ النِّتَاجِ أَوْلَى لِمَا مَرَّ هَذَا إذَا ادَّعَى الْخَارِجَانِ الْمِلْكَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ بِسَبَبَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَالشِّرَاءِ وَالنِّتَاجِ فَإِنْ كَانَ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَنَقُولُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ مِنْ اثْنَيْنِ وَإِمَّا أَنْ كَانَ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ اثْنَيْنِ يَعْمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبَبَيْنِ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ فُلَانٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ وَهَبَهَا لَهُ وَقَبَضَهَا مِنْهُ قُضِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُمَا ادَّعَيَا تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ فَقَامَا مَقَامَهُمَا كَأَنَّهُمَا حَضَرَا وَادَّعَيَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ مُرْسَلٍ.

وَكَذَا لَوْ ادَّعَى ثَالِثٌ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَلَوْ ادَّعَى رَابِعٌ وَصَدَّقَهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا لِمَا قُلْنَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ وَاحِدٍ يُنْظَرُ إلَى السَّبَبَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْوَى يُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُوَّةِ يُعْمَلُ بِهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَان عَلَى مَا هُوَ سَبِيلُ دَلَائِلِ الشَّرْعِ بَيَانُ ذَلِكَ إذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الدَّارَ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا ذَاكَ وَهَبَهَا لَهُ وَقَبَضَهَا يُقْضَى لِصَاحِبِ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ.

وَالْهِبَةُ لَا تُفِيدُ الْحُكْمَ إلَّا بِالْقَبْضِ فَكَانَ الشِّرَاءُ أَوْلَى (وَكَذَلِكَ) الشِّرَاءُ مَعَ الصَّدَقَةِ وَالْقَبْضِ لِمَا قُلْنَا وَكَذَلِكَ الشِّرَاءُ مَعَ الرَّهْنِ وَالْقَبْضِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُفِيدُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَالرَّهْنُ يُفِيدُ مِلْكَ الْيَدِ وَمِلْكُ الرَّقَبَةِ أَقْوَى وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الْبَيِّنَتَانِ مَعَ الْقَبْضِ يُقْضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ السَّبَبَيْنِ (وَقِيلَ) هَذَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا (فَأَمَّا فِيمَا) يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالدَّارِ وَنَحْوِهَا فَلَا يُقْضَى لَهُمَا بِشَيْءٍ عَلَى أَصْل أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْهِبَةِ مِنْ رَجُلَيْنِ لِحُصُولِ مَعْنَى الشُّيُوعِ (وَقِيلَ) لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَبَيْنَ مَا لَا يَحْتَمِلُهَا هُنَا لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الشُّيُوعِ الطَّارِئِ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْكُلِّ وَأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ (وَكَذَلِكَ) لَوْ اجْتَمَعَتْ الصَّدَقَةُ مَعَ الْقَبْضِ أَوْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ مَعَ الْقَبْضِ يُقْضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ السَّبَبَيْنِ لَكِنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا مَرَّ.

(وَلَوْ اجْتَمَعَ) الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ أَوْ الرَّهْنُ وَالصَّدَقَةُ فَالْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ أَوْلَى (وَكَذَا) الصَّدَقَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُفِيدُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَالرَّهْنُ يُفِيدُ مِلْكَ الْيَدِ وَالْحَبْسَ وَمِلْكُ الرَّقَبَةِ أَقْوَى وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الرَّهْنُ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَرْهُونَ عِنْدَنَا مَضْمُونٌ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فَأَمَّا الْمَوْهُوبُ فَلَيْسَ بِمَضْمُونٍ أَصْلًا فَكَانَ الرَّهْنُ أَقْوَى (وَلَوْ اجْتَمَعَ) النِّكَاحَانِ بِأَنْ ادَّعَتْ امْرَأَتَانِ وَأَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ يُقْضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ السَّبَبَيْنِ (وَلَوْ اجْتَمَعَ) النِّكَاحُ مَعَ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ الرَّهْنِ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى لِأَنَّهُ عَقْدٌ يُفِيدُ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ فَكَانَ أَقْوَى وَلَوْ اجْتَمَعَ الشِّرَاءُ وَالنِّكَاحُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلِلْمَرْأَةِ نِصْفُ نِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الشِّرَاءُ أَوْلَى وَلِلْمَرْأَةِ الْقِيمَةُ عَلَى الزَّوْجِ.

(وَجْهُ) قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الشِّرَاءَ أَقْوَى مِنْ النِّكَاحِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ بِدُونِ الْمِلْكِ فِي الْبَيْعِ وَتَصِحُّ فِي بَابِ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ عَلَى جَارِيَةِ غَيْرِهِ دَلَّ أَنَّ الشِّرَاءَ أَقْوَى مِنْ النِّكَاحِ (وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ النِّكَاحَ مِثْلُ الشِّرَاءِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعَاوَضَةٌ يُفِيدُ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ هَذَا إذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرَ مَا يَدَّعِي الْآخَرُ فَأَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِمَّا يَدَّعِي الْآخَرُ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا كُلَّ الدَّارِ وَالْآخَرُ نِصْفَهَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدَّارِ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ بِرُبْعِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ بِثُلُثَيْ الدَّارِ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ بِثُلُثِهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ جَوَابُهُمْ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي طَرِيقِ الْقِسْمَةِ فَتُقْسَمُ عِنْدَهُ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَهُمَا قَسَّمَا بِطَرِيقِ الْعَدْلِ وَالْمُضَارَبَةِ (وَتَفْسِيرُ) الْقِسْمَةِ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْقَدْرِ الَّذِي وَقَعَ التَّنَازُعُ فِيهِ فَيُجْعَلُ الْجُزْءُ الَّذِي خَلَا عَنْ الْمُنَازَعَةِ سَالِمًا لِمُدَّعِيهِ (وَتَفْسِيرُ) الْقِسْمَةِ عَلَى طَرِيقِ الْعَدْلِ وَالْمُضَارَبَةِ أَنْ تُجْمَعَ السِّهَامُ كُلُّهَا فِي الْعَيْنِ فَتُقَسَّمُ بَيْنَ الْكُلِّ بِالْحِصَصِ فَيَضْرِبُ كُلٌّ بِسَهْمِهِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَالدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُتَزَاحِمَةِ وَالْوَصَايَا فَلَمَّا كَانَتْ الْقِسْمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ تَجِبُ مُرَاعَاةُ مَحَلِّ النِّزَاع فَهُنَا يَدَّعِي أَحَدُهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>