قوله: أقاموا برامهرمز تسعة أشهر؛ لأن ذلك اسم للبلد، وكذلك: أقاموا بسابور، وكابل، هذا اسم للبلد.
فإن قيل: فقد رُوي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه قال: من أقام سبعة عشر، قصر، ومن أقام أكثر، أتم، هكذا رواه أبو داود (١)، وإذا كان كذلك، حصلت المسألة خلافًا في الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين -.
قيل له: يحتمل أن يكون من مذهب ابن عباس: أن من عزم على إقامة سبعة عشر، قصر، وإن عزم على إقامة أكثر، أتم، وليس الخلاف فيمن نوى مدة بعينها، فخبرُ ابن عباس - رضي الله عنهما - محمول على ذلك، ولأنه مسافر لم يوطّأ منه نية الإقامة في مدة يصح أن يكون فيها مقيمًا، فله أن يقصر؛ قياسًا عليه إذا أقام ثمانية عشر يومًا، ولأن له أن يقصر سبعة عشر، أو ثمانية عشر، فله أن يقصر أكثر؛ دليله: إذا لم يكن مقيمًا في بلد، وكان
(١) في سننه، كتاب: الصلاة، باب: متى يتم المسافر؟ رقم (١٢٣٠)، ولفظه: (من أقام سبع عشرة، قصر … )، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه رقم (٨٢٩٥)، وقال ابن الملقن: (إسناده على شرط البخاري)، ينظر: البدر المنير (٤/ ٥٣٤). وقد أخرجه البخاري بلفظ: (فنحن إذا سافرنا تسعة عشر، قصرنا، وإن زدنا، أتممنا) في أبواب: التقصير، باب: ما جاء في التقصير، وكم يقيم حتى يقصر؟ رقم (١٠٨٠)، قال البيهقي: (اختلفت الروايات في تسع عشرة، وسبع عشرة، وأصحها عندي - والله أعلم - رواية من روى تسع عشرة، وهي الرواية التي أودعها محمد بن إسماعيل البخاري في "الجامع الصحيح"). ينظر: السنن الكبرى (٣/ ١٥١).