للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغير إصلاحها؛ كقوله: سهوت، أو قم، أو اقعد، فلما ثبت أنه لو قاله لإصلاح صلاته، لم يفسد، كذلك إذا قال لغير صلاح الصلاة، وعلى أن هذا يبطل بالمكبرين في الصفوف؛ فإنهم يقصدون إعلام الناس بتكبير الإمام، ولا تبطل صلاتهم، وإن لم يكن فيه مصلحة لصلاة المكبر، كذلك في مسألتنا.

واحتج المخالف: بما روي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة، فسلمت عليه، فلم يرد عليّ السلام، فأخذني ما قَدُمَ، وما حَدُثَ (١)، فلما فرغ من صلاته، قال: "إن الله يُحْدِث من أمره ما شاء، وإن مما أحدثَ أن لا تكلَّموا (٢) في الصلاة" (٣).

فظاهره يقتضي النهي عن الكلام في الصلاة جملة، فإذا قصد الجواب


(١) قال البغوي في "شرح السنة" (٣/ ٢٣٥): (تقول العرب هذه اللفظة للرجل إذا أقلقه الشيء، وأزعجه، وغمه، وتقول أيضًا: أخذه المقيم والمقعد، كأنه يهتم لما نأى من أمره ولما دنا)، وقال الخطابي في "معالم السنن" (١/ ٤٣٣): (معناه: الحزن والكآبة، يريد: أنه قد عاوده قديم الأحزان، واتصل بحديثها).
(٢) في الأصل: تتكلموا، والتصويب من سنن أبي داود.
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: رد السلام في الصلاة رقم (٩٢٤)، وصححه ابن حبان في "صحيحه" حديث: "إن الله يحدث من أمره ما شاء"، رقم (٢٢٤٣)، وعلقه البخاري جازمًا به عن ابن مسعود في كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: ٢٩]، وأصله في "الصحيحين" إلى قوله: [فلم يرد علي، فقلنا: يا رسول الله! كنا نسلم عليك في الصلاة، فترد علينا؟ فقال: إن في الصلاة لشغلًا]، ومضى تخريجه ص ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>