والجواب: أن هذا النوع من الكلام لا يدخل في هذا الخبر، ألا ترى [أنه] إذا لم يقصد به إفهام الآدمي، لا تبطل الصلاة؟
واحتج: بأنه إذا أُخبر بما يسره، فقال: الحمد لله، فقد قصد الجواب، فصار من كلام الناس، فتفسد صلاته، ألا ترى أنه لو سلم عليه إنسان، فرد عليه، أو شمَّت عاطسًا، فسدت صلاته؟
والجواب: أن السلام، وردّه، وتشميت العاطس، موضوع لمخاطبة الآدمي، ابتداءً وجوابًا، فجرى مجرى سائر مخاطبة الآدميين، وليس كذلك ما اختلفنا فيه؛ فإنه ثناء على الله تعالى، أو تلاوة القرآن، وكل ذلك لا يبطل الصلاة، فإذا اقترن به إفهام الآدمي، وتنبيهه به، لم تبطل صلاته، كما تقول في التنبيه بالإشارة، وتنبيه الإمام على سهوه بالتسبيح، وتنبيه المار بين يديه، وتلقين الإمام إذا أشكلت عليه القراءة.
واحتج: بأنه قصد خطاب غيره، لا لإصلاح صلاته، فوجب أن يُفْسِد صلاته، كما لو قال: قم أو اقعد، وكما لو كتب كتابًا لفتى اسمه يحيى، وافتتح الصلاة، فجاء الفتى لطلب الكتاب، فقال:{يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ}[مريم: ١٢]، وكذلك إذا قال:{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}[يوسف: ٢٩]، أو قال:{يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا}[هود: ٣٢]، أو قال:{إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ}[القصص: ٢٠]، وقصد بذلك كله خطاب الغير، ولا يلزم عليه إذا سبح بالإمام، أو بالمار بين يديه، أو فتح على الإمام؛ لأن فيه إصلاح صلاته.