للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل له: إلا أن السفر سبب في الضرورة التي يخاف معها التلف؛ إذ لولاه، لم تلحقه هذه الضرورة، ويمكنه قطع ذلك السبب الذي هو المعصية، فجاز أن تعلق عليها حكم سببها، كما قلنا في السكران: تعلق عليه حكم سببه، وهو الشرب، وإن كان حدث بغير فعله، إلا أن سببه من جهته، وهما سواء، إلا أن السُّكْر يزيل العقل، والتلف يزيل العقل والحمله (١)، فكانا سواء، ويفارق هذا النفاس؛ لأنه لا يمكنه قطع سببه؛ لأنه إذا وجد، لم يمكن قطعه.

فإن قيل: لو لبس خفًا مغصوبًا، جاز له أن يمسح، وإن كان عاصيًا في السبب، وكذلك لو دخل بلدًا، ونوى أن يقيم فيه لفعلِ المعاصي، جاز أن يمسح يومًا، وكذلك لو سافر لمعصية، جاز له أن يمسح على الخفين يومًا وليلة، وكذلك إذا عدم الماء في سفر المعصية، جاز له أن يتيمم، ويصلي، ولا يعيد، وكذلك إذا ابتدأ سفرًا مباحًا، ثم صار معصية؛ مثل: العبد إذا سافر مع مولاه، ثم هرب منه في بعض الطريق، أو خرج لقطع الطريق: أنه يترخص، كذلك ها هنا.

قيل له: أما إذا لبس خفًا مغصوبًا، فإنه يخرج على روايتين (٢)؛ بناء على قول أصحابنا في الصلاة في الثوب المغصوب، والأرض الغصب، إحداهما: لا يجوز، وهو أصح، فعلى هذا: لا نسلم هذا، والثانية: تصح، فعلى هذا الفرقُ بينهما: أن المعصية في الخف لا يختص اللبس،


(١) كذا في الأصل.
(٢) مضت في (١/ ١٧٩)، وينظر: الروايتين (١/ ١٥٨)، والانتصار (٢/ ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>