للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك - رحمه الله -: لا يجوز السفر بعد الزوال، ويجوز قبله، غير مكروه (١).

وقال الشافعي - رحمه الله -: لا يجوز السفر بعد الزوال، قولًا واحدًا، وهل قبله وبعد طلوع الفجر يجوز؟ على قولين: قال في الجديد: لا يجوز، وفي القديم قال: يجوز (٢).

فالدلالة على أنه لا يجوز السفر بعد الزوال خلافًا لأبي حنيفة: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]، فأمر بالسعي إلى الجمعة، والأمر يقتضي الوجوب، ولم يفرق بين أن يكون عازمًا على إنشاء السفر، أو غير عازم، فهو على العموم.

فإن قيل: لا فرق عندك بين أن يريد السفر قبل النداء، أو بعده، فلا معنى لهذا التخصيص.

قيل له: إذا ثبت وجوب السعي بعد النداء، ثبت وجوبه فيما قبل؛ لأن أحدًا لا يفرق بينهما، ويدل عليه: ما روى الدارقطني في كتاب الأفراد بإسناده عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سافر من دار (٣) إقامة


(١) ينظر: الإشراف (١/ ٣٢٧ و ٣٢٨)، ومواهب الجليل (٢/ ٥٤٩).
(٢) ينظر: الحاوي (٢/ ٤٢٥ و ٤٢٦)، والمهذب (١/ ٤٥٨)، وحلية العلماء (١/ ٢٥٩).
(٣) في الأصل: اراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>