واحتج: بأن الناسي كالجاهل في سقوط المأثم، ثبت أنه لو كان جاهلًا بتحريم الكلام في الصلاة، لم تبطل صلاته، كذلك إذا كان ناسيًا.
والجواب: أن الجاهل بتحريم الكلام يتكلم بإباحة سابقة؛ لأن الكلام كان مباحًا في صدر الإسلام.
بدليل: ما تقدم من الأخبار، فلهذا لم يثبت حكم النسخ في حقه إلا بعد العلم، وليس كذلك الناسي؛ لأن الكلام حصل منه بعد علمه بنسخه، فلهذا لم يعذر فيه.
فإن قيل: فالناسي أعذر من الجاهل، بدليل: أنه لو أكل في الصوم ناسيًا، لم يبطل صومه، ولو أكل جاهلًا بتحريم الأكل، بطل صومه.
قيل: إنما لم يعذر الجاهل (١)؛ لأنه لم يسبق في الشرع إباحة [الأكل] في حال الصوم، وها هنا قد سبق إباحة الكلام، وأما إذا أكل ناسيًا، فإنما لم يبطل صومه؛ لما يأتي الكلام عليه.
واحتج: بأن الكلام معنى يختص بإفساد الصلاة، فوجب أن لا يفسدها بسهوه؛ قياسًا على السلام، وفيه احتراز من الحدث؛ لأنه يفسد الطهارة والصلاة جميعًا، فلم يكن مختصًا بإفساد الصلاة، وربما قالوا: نطقٌ حرّمتْهُ الصلاة، فوجب أن يختلف عمده وسهوه، أصله: السلام.
والجواب: إن مثله مسنون في الصلاة، فجاز أن يختلف حكم عمده