قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: ما أدركت من الصلاة، فهو آخرُ صلاتك (١)، وهذا خلاف في الصحابة، فلم يصح الاحتجاج به.
واحتج: بأنها ركعة مفتتحة بالإحرام، فوجب أن تكون أول صلاته، دليله: إذا كان منفردًا، وقيل: لأنها أول صلاته فعلًا، فوجب أن تكون أولها حكمًا؛ قياسًا على ما ذكرنا، وقيل: ركعة يعقبها ركعة، فوجب أن لا تكون آخر صلاته، دليله: ما ذكرنا، وقيل: لأنه لم يتقدم من جهته ما هو أول صلاته، فلم يكن هذا آخر صلاته، دليله: ما ذكرنا.
والجواب: أنه لا يجوز حال المؤتم به بالمنفرد، ألا ترى أنه لو دخل خلف الإمام وهو في السجود، لزمه أن يبدأ بالسجود، ولو كان منفردًا، لم يجز له أن يبدأ به، وكذلك لو دخل في صلاة الإمام في الركعة الثالثة من المغرب، لزمه أن يقعد مع الإمام، ويقعد في الثانية والثالثة، ولو كان منفردًا، لقعد في الثانية والأخيرة فقط، فإذا كان كذلك، لم يمنع أن يختلف المؤتم به في مسألتنا وحكم المنفرد؛ ولأن صلاة المنفرد غير تابعة لغيرها، فاعتبر حكمها بنفسها، والمؤتم صلاته مبنية على صلاة غيره، وتترتب عليها، فجاز اعتبارها بها.
وإن قاسوا على صلاة الإمام.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة رقم (٧١٩٧)، واحتج به إسحاق بن راهويه. ينظر: مسائل الكوسج (٢/ ٨٢٨) رقم (٤٧٩)، وجزم به أحمد في مسائل صالح رقم (٦٦٦).