للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا معنى لتأويل الخبر على خلاف المذهب، على أن الظاهر من أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها سنة تتبع، وإن لم يتكرر منه ذلك، ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج في عمره مرة واحدة، وأفعاله فيها سنة، وإن لم يتكرر منه، ولم يداوم على فعله، وكذلك الاستسقاء بالصلاة والخطبة لم يفعله إلا مرة، وذلك سنة مستحبة.

وعلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد داوم على ذلك، وتكرر منه، وهو ما روى الشالنجي (١)، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو بكر عبد العزيز بإسناده عن أبي بكرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه الأمر يسر به، يَخِرُّ ساجدًا شكرًا لله تعالى (٢).

وهذا يدل على أنه كان يسجد لِما يسره، ونحن نعلم أن ما سره تكرر منه، وكثر، فوجب أن يكون السجود قد تكرر منه وكثر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يداوم على فعل المكروه، ولا على فعل تركُه أولى من فعله.

وروى الشالنجي أيضًا بإسناده عن يحيى بن الجزار (٣): أن النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) مضت ترجمته.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب: الجهاد، باب: في سجود الشكر رقم (٢٧٧٤)، والترمذي في كتاب: السير عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في سجدة الشكر رقم (١٥٧٨)، وقال: (حديث حسن غريب … والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم)، وابن ماجه في كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر، رقم (١٣٩٤)، وحسنه الألباني في الإرواء (٢/ ٢٢٦).
(٣) العُرَني الكوفي، قيل: اسم أبيه: زبان، وقيل: بل لقبه، قال ابن حجر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>