للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن الناسي يقع على الترك عمدًا، قال الله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: ٦٧]، يعني: تركوا الله، فتركهم (١)، فأوجب القضاء على من ترك الصلاة.

والجواب: أن المرتد لا يدخل تحت العموم، ألا ترى أنه قال: "فليصلِّها إذا ذكرها"، وهذا يقتضي أن يكون ممن يصح منه فعلُ الصلاة في حال ذِكْره، ولو ترك المرتد صلاة ناسيًا، ثم ذكرها في حال ردته، لم يصح منه فعلُها، فعُلِم أنه غير داخل تحت اللفظ.

وأما قولهم: إن الناسي يقع على التارك عمدًا، فلا يصح؛ لأن النسيان تركٌ على صفة، وهو أن لا يكون معه ذِكْرٌ، ألا ترى أنه يصح أن يقال: ترك صلاته عمدًا، ولا يصح أن يقال: نسيها عامدًا، ويقال: تكلم في صلاته ناسيًا، ولا يقال فيها: تكلم عامدًا (٢)؟ والذي يدل عليه: أنه قال: "فليصلها إذا ذكرها"، فعلم أن المراد به: تركها مع فقد الذكر لها.

وأما قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} مجاز؛ لأنهم فعلوا ما يفعل الناسي من ترك الذكر لله - عز وجل -، فأجرى عليهم لفظ الناسي، ثم أجرى لفظ النسيان على الله - عز وجل - على طريق المقابلة؛ كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠]، والجزاء ليس بسيئة.


(١) ينظر: تفسير الطبري (١١/ ٥٤٩).
(٢) في الأصل: تاركًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>