بيانه عامًا، ولو بيّنه عامًا، نقل نقلًا عامًا، وأخبارهم نقلت نقلًا خاصًا، وهذا لا يثبت عندهم به حكم تعم به البلوى.
واحتج: بأنها صلاة، وهي وتر، فوجب أن تكون واجبة؛ دليله: المغرب.
والجواب: أن المغرب لم تكن واجبة لأنها صلاة وتر؛ لأن عشاء الآخرة واجبة، ولم تشرع وترًا، وكذلك الظهر، والعصر، فامتنع أن يكون علة الأصل ما ذكروا، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع من تشبيه الوتر بالمغرب، وهي ما روى أبو سلمة والأعرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تُشبِّهوا الوتر بصلاة المغرب"(١)، وإذا امتنع من التشبيه، لم يجز القياس عليها، وعلى أن المعنى في المغرب: أنه قد سُن لها الإقامة، وليس كذلك ها هنا.
واحتج: بأن الوتر يستحب تأخيره إلى بعد نصف الليل، ويكره تأخير العشاء إلى ذلك الوقت، فلما اختص بوقت لا يشاركه غيره فيه من الصلوات، وجب أن يكون واجبًا كسائر الصلوات.
والجواب: أن جميع الليل في الاستحباب سواء، فلا نسلم ما ادعاه،
(١) أخرجه بنحوه الدارقطني في كتاب: الوتر، باب: لا تشبهوا الوتر بصلاة المغرب، رقم (١٦٥٠)، وقال - يعني: رواةَ الحديث -: (كلهم ثقات)، قال ابن حجر في التلخيص (٢/ ٨٦٥): (ولا يضره وقف من أوقفه)، وأخرجه البيهقي في الكبرى، كتاب: الصلاة، باب: من أوتر بثلاث موصولات بتشهدين وتسليم، رقم (٤٨١٥).