فإن قيل: اقتداء القائم بالقاعد جائز، كذلك إذا قدر القاعد على القيام، جاز أن يبني، وليس كذلك من يركع ويسجد؛ لأنه ليس له أن يبتدئ بالمومئ، وإذا قدر على الركوع والسجود، لم يجز له أن يبني.
قيل له: علة لا نسلِّمها (١)؛ لأن عندنا: اقتداءُ القائم بالقاعد لا يجوز من الوجه الذي ذكرنا، وأما علةُ الفرع، فلا يمتنع أن يصح الاقتداء به في هذه الحال، ويصح البناء؛ بدليل: أن نفسين لو اختلفا في جهة القبلة، لم يجز لأحدهما أن يتبع صاحبه، ثم لو اختلف اجتهاد أحدهما إلى غير الجهة، جاز له أن يستدبر، ويبني فعل بعضه على بعض، وإن لم يجز لغيره البناء، وكذلك لو أحدث في أثناء الصلاة، جاز أن يتوضأ، ويبني على تحريمته، ولا يجوز للمأموم أن يبني عندك على تلك التحريمة، ولأن حالة الإمامة حالُ كمال، فجاز أن لا يبني المأموم صلاته على صلاة ناقصة، وليس كذلك في حق نفسه؛ لأنه لا يعتبر هذا المعنى، ألا ترى أن المرأة تصح صلاتها في حقها، وإن لم تصح إمامتها بالرجال؟ وكذلك العبد تصح صلاته في الجمعة مأمومًا، وإن لم تصح إمامته في الجمعة، كذلك ها هنا.
فإن قيل: القاعد على هيئة من هيئات الصلاة، فإذا قدر على القيام، فقام، فقد انتقل من هيئة إلى هيئة، فلم تبطل صلاته، وليس المومئ على هيئة من هيئات الصلاة، فإذا قدر على ما هو هيئة، بطلت صلاته.