للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحكم بإسلامه بها، وإن صلى في دار الإسلام، لا يحكم بإسلامه، فإذا كان كذلك، كانت العلل منتقضة، وقد قال أبو الطيب (١) الطبري (٢): الصحيح عندي: أنه يجب أن يكون الكافر الأصلي في دار الحرب مثل المرتد، ولا فرق بينهما، فإن احترزوا عن هذا، وقالوا: مقيم في دار الإسلام لم يأت بالشهادتين، فلم يحكم بإسلامه؛ كما لو صام وزكَّى، انتقض بمن لا يُعرف منه كفر متقدم، وقد رأيناه يصلي، فإنه يحكم بإسلامه، وعلى أنه لا تأثير لقولهم: في دار الإسلام في الأصل؛ لأنه لو صام أو زكى في دار الحرب، لم يحكم بإسلامه، فلا معنى لهذا، ثم المعنى في الأصل ما ذكرناه، وهو أنه لا يختص شرعنا، وهذا يختص شرعنا، فهو كالشهادتين.

واحتج: بأن الصلاة دلالة على الإسلام، وليس بصريح في الإسلام، وإذا كان في دار الإسلام، احتمل أن يكون قد فعل للتقية، واحتمل أن يكون قد فعل تقربًا وتوددًا إلى المسلمين؛ كما كان أهل الذمة يصومون معهم شهر رمضان تقربًا إليهم، ويصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما أشبه ذلك،


(١) في الأصل: أبو طالب.
(٢) هو: طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر، أبو الطيب الطبري الشافعي، قال الذهبي عنه: (الإمام، العلامة، شيخ الإسلام)، له كتب كثيرة، منها: شرح على مختصر المزني، توفي سنة ٤٥٠ هـ، وقد جاء في ترجمته: أن من غرائبه: أن الكافر إذا صلى في دار الحرب، كانت صلاته إسلامًا. ينظر: تهذيب الأسماء واللغات (٢/ ٥٢٨)، وسير أعلام النبلاء (١٧/ ٦٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>