النحل ١٠ ١١ حكمةَ في تلك المشيئةِ لِما أن الذي عليه يدورُ فلَكُ التكليفِ وإليه ينسحب الثوابُ والعقابُ إنما هو الاختيارُ الجُزئي الذي عليه يترتب الأعمالُ التي بها نيط الجزاءُ هذا هو الذي يقتضيهِ المقامُ ويستدعيه حسنُ الانتظام وقد فُسّر كونُ قصدِ السبيل عليه تعالى بانتهائه إليه نهج الاستقامةِ وإيثارُ حرفِ الاستعلاءِ على أداة الانتهاءِ لتأكيد الاستقامةِ على وجه تمثيليَ من غير أن يكون هناك استعلاءٌ لشيء عليه سبحانه وتعالى عنه علواً كبيراً كما في قوله تعالى هَذَا صراط عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ فالقصدُ مصدرٌ بمعنى الفاعل والمرادُ بالسبيل الجنس كما مرَّ وقوله تعالى وَمِنْهَا جَائِرٌ معطوفٌ على الجملة الأولى والمعنى أن قصدَ السبيلِ واصلٌ إليه تعالى بالاستقامة وبعضُها منحرفٌ عنه ولو شاء لهداكم جميعاً إلى الأول وأنت خبيرٌ بأنَّ هَذا حقٌّ في نفسه ولكنه بمعزل عن نكتة موجبةٍ لتوسيطه بين ما سبق من أدلة التوحيدِ وبين ما لحِق ولمّا بُيِّن الطريقُ السمعيُّ للتوحيد على وجه إجماليَ وفصِّلَ بعضُ أدلتِه المتعلقة بأحوال الحيواناتِ وعُقب ذلك ببيان السرِّ الداعي إليه بعثاً للمخاطبين على التأمل فيما سبق وحثًّا على حسن التلقي لما لحِق أُتبِع ذلك ذِكرَ ما يدل عليه من أحوال النبات فقيل