والتخالص والتناصح في أمر الله والإسلام ولا يخذل أحدنا صاحبه بشيء ولا يتخذ من دونه وليجة. ولا يحول بيننا ولد ولا والد أبدا ما حيينا فيما استطعنا فإذا فتحت مصر فإن عمرا على أرضها وإمارته التي أمره عليها أمير المؤمنين. وبيننا التناصح والتوازر والتعاون على ما نابنا من الأمور. ومعاوية أمير على عمرو بن العاص في الناس وفي عامة الأمر حتى يجمع الله الأمة فإذا اجتمعت الأمة فإنهما يدخلان في أحسن أمرها على أحسن الذي بينهما في أمر الله الذي بينهما من الشرط في هذه الصحيفة. وكتب وردان سنة ثمان وثلاثين.
قال: وبلغ ذلك عليا فقام فخطب أهل الكوفة فقال: أما بعد فإنه قد بلغني أن عمرو بن العاص الأبتر ابن الأبتر بايع معاوية على الطلب بدم عثمان وحضهم عليه فالعضد والله الشلاء عمرو ونصرته.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا هشام بن الغاز وإبراهيم بن موسى عن عكرمة بن خالد وغيرهما قالوا: كان عمرو بن العاص يباشر القتال في القلب أيام صفين بنفسه. فلما كان يوم من تلك الأيام اقتتل أهل العراق وأهل الشام حتى غابت الشمس فإذا كتيبة خشناء من خلف صفوفنا أراهم خمسمائة فيها عمرو بن العاص.
ويقبل علي في كتيبة أخرى نحو من عدد الذي مع عمرو بن العاص. فاقتتلوا ساعة من الليل حتى كثرت القتلى بينهم ثم صاح عمرو بأصحابه: الأرض يا أهل الشام.
فترجلوا ودب بهم وترجل أهل العراق. فنظرت إلى عمرو بن العاص يباشر القتال وهو يقول:
وصبرنا على مواطن ضنك … وخطوب ترى البياض الوليدا
ويقبل رجل من أهل العراق فخلص إلى عمرو وضربه ضربة جرحه على العاتق وهو يقول: أنا أبو السمراء. ويدركه عمرو فضربه ضربة أثبته وانحاز عمرو في أصحابه وانحاز أصحابه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إسماعيل بن عبد الملك عن يحيى بن شبل عن أبي جعفر عن عبيد الله بن أبي رافع قال: نظرت إلى عمرو بن العاص يوم صفين وقد وضعت له الكراسي يصف الناس بنفسه صفوفا ويقول كقص الشارب. وهو حاسر. وأسمعه وأنا منه قريب يقول: عليكم بالشيخ الأزدي أو الدجال. يعني هاشم بن عتبة.