قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني معمر بن راشد عن الزهري قال: اقتتل الناس بصفين قتالا شديدا لم يكن في هذه الأمة مثله قط حتى كره أهل الشام وأهل العراق القتال وملوه من طول تباذلهم السيف. فقال عمرو بن العاص. وهو يومئذ على القتال.
لمعاوية: هل أنت مطيعي فتأمر رجالا بنشر المصاحف ثم يقولون يا أهل العراق ندعوكم إلى القرآن ولا يزيد ذلك أمر أهل الشام إلا استجماعا. فأطاعه معاوية ففعل وأمر عمرو رجالا من أهل الشام فقرئ المصحف ثم نادى: يا أهل العراق ندعوكم إلى القرآن. فاختلف أهل العراق فقالت طائفة: أولسنا على كتاب الله وبيعتنا؟ وقال آخرون كرهوا القتال: أجبنا إلى كتاب الله. فلما رأى علي عليه السلام. وهنهم وكراهتهم للقتال قارب معاوية فيما يدعوه إليه واختلف بينهم الرسل فقال علي عليه السلام: قد قبلنا كتاب الله فمن يحكم بكتاب الله بيننا وبينك؟ قال: نأخذ رجلا منا نختاره وتأخذ منكم رجلا تختاره. فاختار معاوية عمرو بن العاص واختار علي أبا موسى الأشعري. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود عن مجالد عن الشعبي عن زياد بن النضر أن عليا عليه السلام. بعث أبا موسى الأشعري ومعه أربعمائة رجل عليهم شريح بن هانئ ومعهم عبد الله بن عباس يصلي بهم ويلي أمرهم. وبعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة من أهل الشام حتى توافوا بدومة الجندل.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عمرو بن الحكم قال: لما التقى الناس بدومة الجندل قال ابن عباس للأشعري: احذر عمرا فإنما يريد أن يقدمك ويقول أنت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأسن مني. فكن متدبرا لكلامه. فكانا إذا التقيا يقول عمرو إنك صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلي وأنت أسن مني فتكلم ثم أتكلم. وإنما يريد عمرو أن يقدم أبا موسى في الكلام ليخلع عليا. فاجتمعا على أمرهما فأداره عمرو على معاوية فأبى. وقال أبو موسى: أرى أن نخلع هذين الرجلين ونجعل هذا الأمر شورى بين المسلمين فيختارون لأنفسهم من أحبوا.
قال عمرو: الرأي ما رأيت. فأقبلا على الناس وهم مجتمعون فقال له عمرو: يا أبا موسى أعلمهم بأن رأينا قد اجتمع. فتكلم أبو موسى فقال أبو موسى: إن رأينا قد