وأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الكتاب أن يبعث إليه بمن قبله من أصحابه ويحملهم.
ففعل. فزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان وأصدق عنه أربعمائة دينار. وأمر بجهاز المسلمين وما يصلحهم. وحملهم في سفينتين مع عمرو بن أمية الضمري. ودعا بحق من عاج فجعل فيه كتابي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: لن تزال الحبشة بخير ما كان هذان الكتابان بين أظهرها.
قالوا: وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دحية بن خليفة الكلبي. وهو أحد الستة. إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتابا وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر. فدفعه عظيم بصرى إليه وهو يومئذ بحمص. وقيصر يومئذ ماش في نذر كان عليه: إن ظهرت الروم على فارس أن يمشي حافيا من قسطنطينية إلى إيلياء فقرأ الكتاب وأذن لعظماء الروم في دسكرة له بحمص فقال: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد. وأن يثبت لكم ملككم وتتبعون ما قال عيسى ابن مريم؟ قالت الروم:
وما ذاك أيها الملك؟ قال: تتبعون هذا النبي العربي. قال: فحاصوا حيصة حمر الوحش وتناحزوا ورفعوا الصليب. فلما رأى هرقل ذلك منهم يئس من إسلامهم وخافهم على نفسه وملكه فسكنهم ثم قال: إنما قلت لكم ما قلت أختبركم لأنظر كيف صلابتكم في دينكم. فقد رأيت منكم الذي أحب. فسجدوا له.
قالوا: وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن حذافة السهمي. وهو أحد الستة.
إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتابا. قال عبد الله: فدفعت إليه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقرئ عليه. ثم أخذه فمزقه. فلما بلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
، اللهم مزق ملكه!، وكتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز فليأتياني بخبره. فبعث باذان قهرمانه ورجلا آخر وكتب معهما كتابا. فقدما المدينة فدفعا كتاب باذان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودعاهما إلى الإسلام وفرائصهما ترعد وقال:، ارجعا عني يومكما هذا حتى تأتياني الغد فأخبركما بما أريد،. فجاءاه من الغد. فقال لهما:
، أبلغا صاحبكما إن ربي قد قتل ربه كسرى في هذه الليلة لسبع ساعات مضت منها،. وهي ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى سنة سبع.، وإن الله.
تبارك وتعالى. سلط عليه ابنه شيرويه فقتله،. فرجعا إلى باذان بذلك فأسلم هو والأبناء الذين باليمن.