الغيضة فقلت: لأنظرن ما يصنع الليلة. قال: فانتهى إلى رابية فجعل يصلي حتى إذا كان في وجه الصبح أقبل في الدعاء. فكان فيما يدعو: اللهم سألتك ثلاثا فأعطيتني اثنتين ومنعتني واحدة. اللهم فأعطنيها حتى أعبدك كما أحب وكما أريد. وانفجر الصبح. قال: فرآني فقال: ألا أراك كنت تراعيني منذ الليلة لهممت بك. ورفع صوته علي. ولهممت وفعلت. قلت: دع هذا عنك والله لتحدثني بهذه الثلاث التي سألتها ربك أو لأخبرن بما تكره مما كنت فيه الليلة. قال: ويلك لا تفعل! قال: قلت: هو ما أقول لك. فلما رآني أني غير منته قال: فلا تحدث به ما دمت حيا. قال: قلت لك الله علي بذلك. قال: إني سألت ربي أن يذهب عني حب النساء. ولم يكن شيء أخوف علي في ديني منهن. فو الله ما أبالي امرأة رأيت أم جدارا. وسألت ربي أن لا أخاف أحدا غيره فو الله ما أخاف أحدا غيره. وسألت ربي أن يذهب عني النوم حتى أعبده بالليل والنهار كما أريد فمنعني.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا همام عن قتادة قال: سأل عامر بن عبد الله ربه أن يهون عليه الطهور في الشتاء فكان يؤتى بالماء له بخار. وسأل ربه أن ينزع شهوة النساء من قلبه فكان لا يبالي أذكرا لقي أم أنثى. وسأل ربه أن يحول بين الشيطان وبين قلبه وهو في الصلاة فلم يقدر على ذلك. قال: وكان إذا غزا فيقال: إن هذه الأجمة نخاف عليك فيها الأسد. قال: إني لأستحي من ربي أن أخشى غيره.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا همام قال: قال قتادة: قال عامر:
لحرف في كتاب الله أعطاه أحب إلي من الدنيا جميعا. فقيل له: وما ذاك يا أبا عمرو؟
قال: أن يجعلني الله من المتقين فإنه قال: «إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ».
قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر بن برقان قال: حدثني محدث عن الحسن أن عامر بن عبد القيس قال: والله لئن استطعت لأجعلن الهم هما واحدا. قال الحسن: ففعل والله.
قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد القرشي قال: حدثنا عبد الجبار بن النصر السلمي يحدث عن شيخ له قال: قيل لعامر بن عبد الله: أضررت بنفسك. قال:
فأخذ بجلده ذراعه فقال: والله لئن استطعت لا تنال الأرض من زهمه إلا اليسير. يعني من ودكه.