دخلت مع القاسم بن محمد على عمرة بنت عبد الرحمن فقال القاسم: يا أم محمد في أي شيء هجر رسول الله نساءه؟ فقالت عمرة: أخبرتني عائشة أنه أهدي إلى رسول الله هدية في بيتها فأرسل إلى كل امرأة من نسائه بنصيبها وأرسل إلى زينب بنت جحش فلم ترض.
ثم زادوها مرة أخرى فلم ترض. فقالت عائشة: لقد أقمأت وجهك أن ترد عليك الهدية. فقال رسول الله: لأنتن أهون على الله من أن تقمئنني. لا أدخل عليكن شهرا. قالت: فدخل في مشربة. وكان عمر بن الخطاب آخى رجلا من الأنصار لا يسمع شيئا إلا أخبره به ولا يسمع عمر شيئا إلا حدثه. قال: فلقيه عمر ذلك اليوم فقال: هل كان خبر؟ فقال الأنصاري: نعم عظيم. فقال عمر: لعل الحارث بن أبي شمر سار إلينا. قال الأنصاري: أعظم من ذلك. قال عمر: ما هو؟ قال: ما أرى رسول الله إلا قد طلق نساءه. فقال عمر: رغم أنف حفصة. قد كنت أنهاها أن تراجع رسول الله بما تراجعه به عائشة. قالت: فجاء عمر إلى المسجد فإذا الناس كأن على رؤوسهم الطير. فارتقى درجة كانت لرسول الله من خشب وإذا على الباب غلام حبشي فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. أأدخل؟ قالت: فقال الحبشي برأسه إلى البيت فأدخله. ثم أشار إلى عمر أن لا. قالت: فلبث ساعة ثم لم تقر نفسه فارتقى من الدرجة اثنتين ثم قال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. أأدخل؟ فأدخل الحبشي رأسه في البيت ثم قال: ادخل. قالت: فدخل عمر فإذا النبي -صلى الله عليه وسلم- كان راقدا تحت رأسه وسادة من أدم محشوة ليفا وليس بينه وبين الأرض إلا الحصير. قالت: وأثر الحصير في جنبه فلما رأى ذلك عمر ذرفت عيناه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:، ما يبكيك يا عمر؟، قال: يا رسول الله كسرى وقيصر عدوا الله يفترشان الديباج والحرير وأنت نبيه وصفيه وليس بينك وبين الأرض إلا الحصير ووسادة محشوة ليفا! وعند رأسه أهبة فيها ريح. فقال رسول الله:، أولئك عجلت لهم طيباتهم،. ثم قال عمر: يا رسول الله أطلقت نساءك؟ قال:، لا،. فكبر عمر تكبيرة سمعها أهل المسجد. ثم قال عمر: يا رسول الله قلت لحفصة لا يغرنك حب رسول الله عائشة وحسنها أن تراجعيه بما تراجعه به عائشة. فلما ذكر حسنها تبسم رسول الله. ثم قال: يا رسول الله إن كنت كرهت من حفصة شيئا فطلقها فأنت والله أحب إلي من مالي وأهلي. فقال رسول الله:، يا عمر لا يؤمن عبد أبدا حتى أكون أحب إليه من نفسه،. فقال: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من نفسي. فلما مضى تسع