وحارب وسالم. وما كان راعي غنم يتبع بها صاحبها رؤوس الجبال يخبط عليها العضاه بمخبطه ويمدر حوضها بيده بأنصب ولا أدأب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان فيكم.
أخبرنا يزيد بن هارون. أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة قالت: لما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استأذن عمر والمغيرة بن شعبة فدخلا عليه فكشفا الثوب عن وجهه فقال عمر: وا غشيا! ما أشد غشي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! ثم قاما فلما انتهيا إلى الباب قال المغيرة: يا عمر مات والله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فقال عمر: كذبت! ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكنك رجل تحوشك فتنة ولن يموت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يفني المنافقين. ثم جاء أبو بكر وعمر يخطب الناس فقال له أبو بكر: اسكت! فسكت فصعد أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قرأ: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ. ثم قرأ:«وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ» آل عمران:
١٤٤. حتى فرغ من الآية ثم قال: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات.
ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت! قال فقال عمر: هذا في كتاب الله؟ قال:
نعم! فقال: أيها الناس هذا أبو بكر وذو شيبة المسلمين فبايعوه! فبايعه الناس.
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس. حدثني سليمان بن بلال عن محمد بن عبد الله بن أبي عتيق التيمي عن ابن شهاب الزهري. حدثني سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول: دخل أبو بكر المسجد وعمر بن الخطاب يكلم الناس. فمضى حتى دخل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي توفي فيه وهو في بيت عائشة فكشف عن وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- برد حبرة كان مسجى به فنظر إلى وجهه ثم أكب عليه فقبله فقال:
بأبي أنت! والله لا يجمع الله عليك الموتتين. لقد مت الموتة التي لا تموت بعدها! ثم خرج أبو بكر إلى الناس في المسجد وعمر يكلمهم فقال أبو بكر:
اجلس يا عمر! فأبى عمر أن يجلس. فكلمه أبو بكر مرتين أو ثلاثا. فلما أبى عمر أن يجلس قام أبو بكر فتشهد. فأقبل الناس إليه وتركوا عمر. فلما قضى أبو بكر تشهده قال: أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات. ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت! قال الله تبارك وتعالى: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ