عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» آل عمران: ١٤٤. فلما تلاها أبو بكر أيقن الناس بموت النبي -صلى الله عليه وسلم- وتلقاها الناس من أبي بكر حين تلاها أو كثير منهم حتى قال قائل من الناس: والله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية أنزلت حتى تلاها أبو بكر. فزعم سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلوها فعقرت وأنا قائم حتى خررت إلى الأرض وأيقنت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد مات.
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس. حدثني سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مات وأبو بكر بالسنح فقام عمر فجعل يقول: والله ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! قالت: قال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم. فجاء أبو بكر فكشف عن وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقبله وقال: بأبي أنت وأمي! طبت حيا وميتا.
والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا! ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك! فلم يكلم أبا بكر وجلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثم قال: ألا من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات. ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. وقال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ. وقال:«وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» آل عمران: ١٤٤. فنشج الناس يبكون واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عباده في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منا أمير ومنكم أمير. فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح. فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر فكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر. ثم تكلم أبلغ الناس فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء! فقال الحباب بن المنذر السلمي: لا والله لا نفعل أبدا. منا أمير ومنكم أمير! قال: فقال أبو بكر: لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء. هم أوسط العرب دارا وأكرمهم أحسابا. يعني قريشا. فبايعوا عمر أو أبا عبيدة. فقال عمر:
بل نبايعك أنت. فأنت سيدنا وأنت خيرنا وأحبنا إلى نبينا -صلى الله عليه وسلم- فأخذ عمر بيده فبايعه. فبايعه الناس. فقال قائل: قتلتم سعد بن عباده! فقال عمر: قتله الله! أخبرنا أحمد بن الحجاج. أخبرنا عبد الله بن المبارك. أخبرني معمر ويونس