تَعَالَى: إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ [٣٨ \ ١٤] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ [٥٠ \ ١٤] وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِ إِهْلَاكِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ بِسَبَبِ الْكُفْرِ وَتَكْذِيبِ الرُّسُلِ تَهْدِيدُ كُفَّارِ مَكَّةَ، وَتَخْوِيفِهِمْ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مِثْلُ مَا نَزَلْ بِأُولَئِكَ إِنْ تَمَادَوْا عَلَى الْكُفْرِ وَتَكْذِيبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ذَكَرَ تَعَالَى ذَلِكَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا [٤٧ \ ١٠] لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا تَهْدِيدٌ عَظِيمٌ بِذَلِكَ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [١١ \ ٨٢ - ٨٣] فَقَوْلُهُ: وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ فِيهِ تَهْدِيدٌ عَظِيمٌ لِمَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ مِنَ الْكُفْرِ وَتَكْذِيبِ نَبِيِّهِمْ، وَفَوَاحِشِهِمُ الْمَعْرُوفَةِ، وَقَدْ وَبَّخَ تَعَالَى مَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ بِهِمْ، وَلَمْ يَحْذَرْ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ مِثْلُ مَا نَزَلَ بِهِمْ، كَقَوْلِهِ فِي قَوْمِ لُوطٍ: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ [٣٧ \ ١٣٧ - ١٣٨] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا [٢٥ \ ٤٠] .
وَقَوْلِهِ فِيهِمْ: وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [٢٩ \ ٣٥] . وَقَوْلِهِ فِيهِمْ: وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ. وَقَوْلِهِ فِيهِمْ وَفِي قَوْمِ شُعَيْبٍ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ [١٥ \ ٧٩] وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ نِدَاؤُهُمْ إِذَا أَحَسُّوا بِأَوَائِلِ الْعَذَابِ ; فَقَدْ ذَكَرَ تَعَالَى فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ نَوْعَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ ذَلِكَ النِّدَاءِ:
أَحَدُهُمَا: نِدَاؤُهُمْ بِاعْتِرَافِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا ظَالِمِينَ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ إِلَى قَوْلِهِ قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ [٢١ \ ١١ - ١٥] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ [٧ \ ٤ - ٥] .
الثَّانِي: مِنْ نَوْعَيِ النِّدَاءِ الْمَذْكُورِ نِدَاؤُهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ مُسْتَغِيثِينَ مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute