للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِحْدَاهَا: مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَقَالَ فِيهَا عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ إِلَى آخِرِهِ. اهـ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُغْنِي عَنْهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» فَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ إِدْرَاكَ الصَّلَاةِ إِنَّمَا هُوَ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ، وَبِالْإِجْمَاعِ لَا يَكُونُ إِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الْجُلُوسِ قَبْلَ السَّلَامِ، لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي إِحْدَى الصَّلَوَاتِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي التَّشَهُّدِ لَا يُعْتَدُّ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ إِجْمَاعًا، وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ كَامِلَةً.

وَالنَّصُّ الْخَاصُّ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَلْيُضِفْ إِلَيْهَا أُخْرَى يَجْعَلُ مَعْنَى الْإِدْرَاكَ لِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ يُعْتَدُّ بِهَا، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً كَامِلَةً لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ.

وَقَدْ حَكَى النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْجُمُعَةَ تُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ تَامَّةٍ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ: احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَغَيْرُهُمَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَعْنَاهُ: لَمْ تَفُتْهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ، وَمَنْ لَمْ تَفُتْهُ الْجُمُعَةُ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَالْأَسْوَدِ، وَعَلْقَمَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي يُوسُفَ.

وَتَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي وَافَقَ الْجُمْهُورَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدٌ لِمَا فِي كِتَابِ الْهِدَايَةِ مَا نَصُّهُ:

وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِنَّ مَنْ أَدْرَكَ أَكْثَرَ الرَّكْعَةِ بَنَى عَلَيْهَا الْجُمُعَةَ وَإِنْ أَدْرَكَ أَقَلَّهَا بَنَى عَلَيْهَا الظُّهْرَ.

وَفِي الشَّرْحِ: أَنَّ أَكْثَرَ الرَّكْعَةِ هُوَ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ.

وَبِالنَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ نَجِدُ رُجْحَانَ أَدِلَّةِ الْجُمْهُورِ لِلْآتِي:

أَوَّلًا: قُوَّةُ اسْتِدْلَالِهِمْ بِعُمُومِ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» ، وَهَذَا عَامٌّ فِي الْجُمُعَةِ وَفِي غَيْرِهَا، وَهُوَ مِنْ أَحَادِيثِ الصَّحِيحَيْنِ.

ثُمَّ بِخُصُوصِ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُضِفْ إِلَيْهَا أُخْرَى» ، وَتَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>