للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الْمُقْتَاتُ مِنْ غَيْرِهَا كَاللَّحْمِ وَاللَّبَنِ، وَعِنْدَ انْعِدَامِ هَذِهِ أَيْضًا يُعْطِي مَا قَامَ مَقَامَ الْأَجْنَاسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا.

وَعَنِ ابْنِ حَامِدٍ عِنْدَهُمْ: حَتَّى لَحْمُ الْحِيتَانِ وَالْأَنْعَامِ، وَلَا يَرُدُّونَ إِلَى أَقْرَبِ قُوتِ الْأَمْصَارِ، وَيُجْزِئُ الْأَقِطُ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ إِنْ كَانَ قُوتَهُمْ. وَعِنْدَهُمْ: مَنْ قَدَرَ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَأَخْرَجَ غَيْرَهُ لَمْ يُجْزِهِ.

الْأَحْنَافُ: تَجُوزُ مِنَ الْبُرِّ، وَالتَّمْرِ، وَالشَّعِيرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالسَّوِيقِ، وَالدَّقِيقِ. وَمِنَ الْخُبْزِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْقِيمَةِ، وَتَجُوزُ الْقِيمَةُ عِنْدَهُمْ عِوَضًا عَنِ الجَمِيعِ، مَعَ الِاخْتِلَافِ عِنْدَهُمْ فِي مِقْدَارِ الْوَاجِبِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ بَيْنَ الصَّاعِ أَوْ نِصْفِ الصَّاعِ، عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَقَدْ نَاقَشَهُمُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي عِنْدَ قَوْلِهِ:

وَمَنْ أَعْطَى الْقِيمَةَ لَمْ تُجْزِئْهُ، وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ: أَخَافُ أَلَّا تُجْزِئَهُ خِلَافَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِهَذَا الْعَرْضِ نَجِدُ الْأَئِمَّةَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - اتَّفَقُوا عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي أَثَرِ أَبِي سَعِيدٍ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ مِنْ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ غَيْرَ الْمَنْصُوصِ: إِمَّا بِعُمُومِ لَفْظِ الطَّعَامِ، وَإِنْ كَانَ يُرَادُ بِهِ عُرْفًا الْقَمْحُ، إِلَّا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَهُوَ الْعُرْفُ اللُّغَوِيُّ. وَإِمَّا بِعُمُومِ مَدْلُولِ الْمَعْنَى الْعَامِّ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَقِطِ. وَالنَّصُّ يَقْضِي بِهِ.

وَانْفَرَدَ الْأَحْنَافُ بِالْقَوْلِ بِالْقِيمَةِ وَبِالنَّظَرِ إِلَى الْمَعْنَى الْعَامِّ لِمَعْنَى الزَّكَاةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «طُعْمَةً لِلْمِسْكِينِ، وَطُهْرَةً لِلصَّائِمِ» . وَقَوْلُهُ: (أَغْنُوهُمْ بِهَا عَنِ السُّؤَالِ) . لَوَجَدْنَا إِشَارَةً إِلَى جَوَازِ إِخْرَاجِهَا مِنْ كُلِّ مَا هُوَ طُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَلَا نَحُدُّهُ بِحَدٍّ أَوْ نُقَيِّدُهُ بِصِنْفٍ، فَإِلْحَاقُ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ بِالْمَنْصُوصِ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ مُتَّجِهٌ، أَمَّا الْقِيمَةُ: فَقَدْ نَاقَشَ مَسْأَلَتَهَا صَاحِبُ فَتْحِ الْقَدِيرِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي بَابِ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ، وَعُمْدَةُ أَدِلَّتِهِمُ الْآتِي:

أَوَّلًا: بَيْنَ الْجَذَعَةِ وَالْمُسِنَّةِ فِي الْإِبِلِ بِشَاتَيْنِ.

ثَانِيًا: قَوْلُ مُعَاذٍ لِأَهْلِ الْيَمَنِ: «ائْتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ مَكَانَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ؟ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>