كَالصَّرَّامِ وَالصِّرَّامِ، وَالْجَذَاذِ وَالْجِذَاذِ، وَالْقَطَافِ وَالْقِطَافِ.
فَائِدَةٌ: يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْحَائِطِ إِذَا أَرَادَ الْجِذَاذَ أَلَّا يَمْنَعَ الْمَسَاكِينَ مِنَ الدُّخُولِ، وَأَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي ذَمِّ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ الْقَلَمِ: إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ الْآيَاتِ [\ ١٧] ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا الْآيَةَ [٦ \ ١٤٥] . هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَحْرُمْ مِنَ الْمَطْعُومَاتِ إِلَّا هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهَا، الَّتِي هِيَ: الْمَيْتَةُ، وَالدَّمُ، وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ، وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ تَحْرِيمَ غَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ، كَتَصْرِيحِهِ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يَحْرُمُ مَطْعُومٌ إِلَّا هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَيُرْوَى عَنْهُمْ أَيْضًا خِلَافُهُ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ ": حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ "، فَقَالَ: " قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الْحُكْمَ ابْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ، وَلَكِنْ أَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا. اهـ. وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَحْلِيلَ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ، إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ فِي الْآيَةِ مِنَ الْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ.
وَلِهَذَا قُلْنَا: إِنَّ لُحُومَ السِّبَاعِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ مَا سِوَى الْإِنْسَانِ، وَالْخِنْزِيرِ مُبَاحَةٌ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ إِبَاحَةُ أَكْلِ لُحُومِ السِّبَاعِ، وَالْحُمُرِ، وَالْبِغَالِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ الَّذِي قَدَّمْنَا آنِفًا.
ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لُحُومِ السِّبَاعِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا، فَقِيلَ لَهُ حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، فَقَالَ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا لِحَدِيثِ أَعْرَابِيٍّ يَبُولُ عَلَى سَاقَيْهِ.
وَسُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ لَحْمِ الْفِيلِ، وَالْأَسَدِ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ الْقَاسِمُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ - لَمَّا سَمِعَتِ النَّاسَ يَقُولُونَ: حُرِّمَ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ - ذَلِكَ حَلَالٌ، وَتَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ الْآيَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute