وهذا عبد الله بن كامل الهمداني يخرج معك. وقال لعبد الله: تحرز منه واعلم أنه ليس له كبير أمانة. وجاء المختار إلى ابن الزبير فقال: اعلم أن مكاني من العراق أنفع لك من مقامي هاهنا. فأذن له عبد الله بن الزبير فخرج هو وابن كامل. وابن الزبير لا يشك في مناصحته. وهو مصر على الغش لابن الزبير. فخرجا حتى لقيا لاقيا بالعذيب فقال المختار: أخبرنا عن الناس. فقال: تركت الناس كالسفينة تجول لا ملاح لها. فقال المختار: فأنا ملاحها الذي يقيمها.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما قدم المختار العراق اختلف إلى عبد الله بن مطيع. وهو والي الكوفة يومئذ لعبد الله بن الزبير. وأظهر مناصحة ابن الزبير وعابه في السر. ودعا إلى ابن الحنفية وحرض الناس على ابن مطيع. واتخذ شيعة. يركب في خيل عظيمة.
فلما رأى ذلك ابن مطيع خافه فهرب منه إلى عبد الله بن الزبير.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير عن عثمان بن عروة عن أبيه قال: وحدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة وغيرهما قالوا: كان المختار لما قدم الكوفة كان أشد الناس على ابن الزبير وأعيبه له. وجعل يلقي إلى الناس أن ابن الزبير كان يطلب هذا الأمر لأبي القاسم. يعني ابن الحنفية. ثم ظلمه إياه. وجعل يذكر ابن الحنفية وحاله وورعه وأنه بعثه إلى الكوفة يدعو له. وأنه كتب له كتابا فهو لا يعدوه إلى غيره. ويقرأ ذلك الكتاب على من يثق به. وجعل يدعو الناس إلى البيعة لمحمد ابن الحنفية فيبايعونه له سرا. فشك قوم ممن بايعه في أمره وقالوا:
أعطينا هذا الرجل عهودنا أن زعم أنه رسول ابن الحنفية. وابن الحنفية بمكة ليس منا ببعيد ولا مستتر. فلو شخص منا قوم إليه فسألوه عما جاء به هذا الرجل عنه. فإن كان صادقا نصرناه وأعناه على أمره. فشخص منهم قوم فلقوا ابن الحنفية بمكة فأعلموه أمر المختار وما دعاهم إليه فقال: نحن حيث ترون محتسبون وما أحب أن لي سلطان الدنيا بقتل مؤمن بغير حق. ولوددت أن الله انتصر لنا بمن شاء من خلقه. فاحذروا الكذابين وانظروا لأنفسكم ودينكم. فانصرفوا على هذا. وكتب المختار كتابا على لسان محمد ابن الحنفية إلى إبراهيم بن الأشتر. وجاء فاستأذن عليه. وقيل المختار أمين آل محمد ورسوله. فأذن له وحياة ورحب به وأجلسه معه على فراشه. فتكلم المختار. وكان مفوها. فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: إنكم