رحمك وعارفو حقك. فقال ابن الحنفية لأصحابه: هذا وجه نخرج إليه. قال فخرج وخرجنا معه ومعه كثير عزة ينشد شعرا:
أنت إمام الحق لسنا نمتري … أنت الذي نرضى به ونرتجي
أنت ابن خير الناس من بعد النبي … يا ابن علي سر ومن مثل علي
حتى تحل أرض كلب وبلي
قال أبو الطفيل: فسرنا حتى نزلنا أيلة فجاورونا بأحسن جوار وجاورناهم بأحسن ذلك وأحبوا أبا القاسم حبا شديدا وعظموه وأصحابه. وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر ولا يظلم أحد من الناس قربنا ولا بحضرتنا. فبلغ ذلك عبد الملك فشق ذلك عليه وذكره لقبيصة بن ذؤيب وروح بن زنباع وكانا خاصته فقالا: ما نرى أن ندعه يقيم في قربه منك وسيرته سيرته حتى يبايع لك أو تصرفه إلى الحجاز. فكتب إليه عبد الملك: إنك قدمت بلادي فنزلت في طرف منها. وهذه الحرب بيني وبين ابن الزبير كما تعلم. وأنت لك ذكر ومكان. وقد رأيت أن لا تقيم في سلطاني إلا أن تبايع لي. فإن بايعتني فخذ السفن التي قدمت علينا من القلزم وهي مائة مركب فهي لك وما فيها. ولك ألفا ألف درهم أعجل لك منها خمسمائة ألف وألف ألف وخمسمائة ألف آتيتك مع ما أردت من فريضة لك ولولدك ولقرابتك ومواليك ومن معك. وإن أبيت فتحول عن بلدي إلى موضع لا يكون لي فيه سلطان. قال فكتب إليه محمد بن علي: بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد بن علي إلى عبد الملك بن مروان. سلام عليك. فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فقد عرفت رأيي في هذا الأمر قديما. وأني لست أسفهه على أحد. والله لو اجتمعت هذه الأمة علي إلا أهل الزرقاء ما قاتلتهم أبدا ولا اعتزلتهم حتى يجتمعوا. نزلت مكة فرارا مما كان بالمدينة فجاورت ابن الزبير فأساء جواري وأراد مني أن أبايعه فأبيت ذلك حتى يجتمع الناس عليك أو عليه. ثم أدخل فيما دخل فيه الناس فأكون كرجل منهم. ثم كتبت إلي تدعوني إلى ما قبلك فأقبلت سائرا فنزلت في طرف من أطرافك. والله ما عندي خلاف ومعي أصحابي فقلنا بلاد رخيصة الأسعار وندنو من جوارك ونتعرض صلتك.
فكتبت بما كتبت به ونحن منصرفون عنك إن شاء الله.
أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي حمزة قال: كنت مع محمد بن علي فسرنا من الطائف إلى أيلة بعد موت ابن عباس بزيادة على أربعين