الطائف فلم يزل بها مقيما حتى قدم الحجاج لقتال ابن الزبير لهلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين. فحاصر ابن الزبير حتى قتله يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الآخرة. وحج ابن الحنفية تلك السنة من الطائف ثم رجع إلى شعبة فنزله.
أخبرنا محمد بن عمر عن عبد الرحمن بن أبي الموال عن الحسن بن علي بن محمد ابن الحنفية عن أبيه قال: لما صار محمد بن علي إلى الشعب سنة اثنتين وسبعين وابن الزبير لم يقتل والحجاج محاصرة أرسل إليه أن يبايع لعبد الملك. فقال ابن الحنفية: قد عرفت مقامي بمكة وشخوصي إلى الطائف وإلى الشام. وأنا رجل ليس عندي خلاف. لما رأيت الناس اختلفوا اعتزلتهم حتى يجتمعوا. فأويت إلى أعظم بلاد الله حرمه يأمن فيه الطير فأساء ابن الزبير جواري. فتحولت إلى الشام فكره عبد الملك قربي. فتحولت إلى الحرم فإن يقتل ابن الزبير ويجتمع الناس على عبد الملك أبايعك. فأبى الحجاج أن يرضى بذلك منه حتى يبايع لعبد الملك. فأبى ذلك ابن الحنفية وأبى الحجاج أن يقره على ذلك. فلم يزل محمد يدافعه حتى قتل ابن الزبير.
أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا: حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال: حدثني سهل بن عبيد بن عمرو الحارثي قال: لما بعث عبد الملك الحجاج إلى مكة والمدينة قال له: إنه ليس لك على محمد ابن الحنفية سلطان. قال فلما قدم الحجاج أرسل إليه الحجاج يتوعده ثم قال: إني لأرجو أن يمكن الله منك يوما من الدهر ويجعل لي عليك سلطانا فافعل وأفعل. قال: كذبت يا عدو نفسه! هل شعرت أن لله في كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة أو نفحة؟ فأرجو أن يرزقني الله بعض لحظاته أو نفحاته فلا يجعل لك علي سلطانا. قال فكتب بها الحجاج إلى عبد الملك فكتب بها عبد الملك إلى صاحب الروم فكتب إليه صاحب الروم: إن هذه والله ما هي من كنزك ولا كنز أهل بيتك ولكنها من كنز أهل بيت نبوة.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن صالح بن كيسان عن الحسن بن محمد بن علي قال: لم يبايع أبي الحجاج. لما قتل ابن الزبير بعث الحجاج إليه فجاء فقال: قد قتل الله عدو الله. فقال ابن الحنفية: إذا بايع الناس بايعت. قال: والله لأقتلنك! قال: أولا تدري أن لله في كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة