في كل لحظة ثلاثمائة وستون قضية؟ فلعله يكفيناك في قضية من قضاياه.
قال فكتب بذلك الحجاج إلى عبد الملك فأتاه كتابه فأعجبه. وكتب به إلى صاحب الروم. وذلك أن صاحب الروم كتب إليه يهدده أنه قد جمع له جموعا كثيرة.
فكتب عبد الملك بذلك الكلام إلى صاحب الروم. وكتب: قد عرفنا أن محمدا ليس عنده خلاف وهو يأتيك ويبايعك فارفق به. فلما اجتمع الناس على عبد الملك وبايع ابن عمر قال ابن عمر لابن الحنفية: ما بقي شيء فبايع. فكتب ابن الحنفية إلى عبد الملك: بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين من محمد بن علي. أما بعد فإني لما رأيت الأمة قد اختلفت اعتزلتهم. فلما أفضى هذا الأمر إليك وبايعك الناس كنت كرجل منهم أدخل في صالح ما دخلوا فيه. فقد بايعتك وبايعت الحجاج لك وبعثت إليك ببيعتي. ورأيت الناس قد اجتمعوا عليك.
ونحن نحب أن تؤمننا وتعطينا ميثاقا على الوفاء فإن الغدر لا خير فيه. فإن أبيت فإن أرض الله واسعة. فلما قرأ عبد الملك الكتاب قال قبيصة بن ذؤيب وروح بن زنباع:
ما لك عليه سبيل. ولو أراد فتقا لقدر عليه. ولقد سلم وبايع فنرى أن تكتب إليه بالعهد والميثاق بالأمان له والعهد لأصحابه. ففعل فكتب إليه عبد الملك: إنك عندنا محمود. أنت أحب وأقرب بنا رحما من ابن الزبير. فلك العهد والميثاق وذمة رسوله أن لا تهاج ولا أحد من أصحابك بشيء تكرهه. ارجع إلى بلدك واذهب حيث شئت.
ولست أدع صلتك وعونك ما حييت. وكتب إلى الحجاج يأمره بحسن جواره وإكرامه.
فرجع ابن الحنفية إلى المدينة.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال: لما صار محمد بن علي إلى المدينة وبنى داره بالبقيع كتب إلى عبد الملك يستأذنه في الوفود عليه. فكتب إليه عبد الملك يأذن له في أن يقدم عليه.
فوفد عليه سنة ثمان وسبعين وهي السنة التي مات فيها جابر بن عبد الله. فقدم على عبد الملك بدمشق فاستأذن عليه فأذن له وأمر له بمنزل قريب منه. وأمر أن يجرى عليه نزل يكفيه ويكفي من معه. وكان يدخل على عبد الملك في إذن العامة. إذا أذن عبد الملك بدأ بأهل بيته ثم أذن له فسلم. فمره يجلس ومرة ينصرف. فلما مضى من ذلك شهر أو قريب منه كلم عبد الملك خاليا فذكر قرابته ورحمه وذكر دينا عليه فوعده عبد الملك أن يقضي دينه وأن يصل رحمه وأمره أن يرفع حوائجه. فرفع محمد دينه