قال الأثيوبي: («إِنَّها صَغيرَةٌ» أي: وكُلُّ منكما لا يوافقها في السنِّ، والمقصودُ من النكاح دوامُ الألفة، وبقاء العشرة، فإذا كان أحد الزوجين في غير سِنِّ الآخر؛ لم يحصل الغرض كاملاً، فرُبَّما أدَّى إلى الفُرقة المنافية لمقصود النكاح.
ثم أورد كلام السندي، وقال: أشار السنديُّ ــ رحمه اللَّه تعالى ــ في كلامه المذكور إلى جواب استشكال وارِدٍ على حديث الباب، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوَّج عائشة وهي صغيرة، فكيف قال لأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - «إنها صغيرة»؟
وحاصلُ الجواب: أن الموافقة في السن، أو المقاربة فيه إنما يُعتبر فيما إذا لم يكن للزوج فضل يجبُرُ ذلك، وإلا فلا بأس بالتفاوت فيه؛ ولذلك تزوّج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها -، وهي بنت ست سنين، وهو فوق خمسين سنة؛ لما ذكرنا.
فإن قيل: قد كان لأبي بكر وعمر فَضلٌ يؤدِّي الغرض؛ فلماذا لم يُعتبر؟
قلنا: نعم، لا يُنكر فضلهما، وشرفهما - رضي الله عنهما -، إلا أنَّ لعليٍّ - رضي الله عنه - زيادةَ فضْلٍ عليهما بالنسبة لفاطمة - رضي الله عنهم -، وهو كونُه مقارباً لها في السنِّ،
(١) «التعليقات الرضية على الروضة الندية» (٢/ ١٥١).