فائدة: قال ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري شرح صحيح البخاري» (٧/ ٧١) في كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (قال أحمد ـ أي ابن حنبل ـ وإسماعيل القاضي، والنسائي، وأبو علي النيسابوري: لم يرد في حقِّ أحدٍ من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر مما جاء في عليٍّ.
وكأنَّ السببَ في ذلك أنه تأخر، ووقع الاختلاف في زمانه، وخروج مَن خرج عليه، فكان ذلك سبباً لانتشار مناقبه مِن كثرة مَن كان بيَّنَها مِن الصحابة ردَّاً على مَنْ خالَفَهُ، فكان الناس طائفتين، لكنَّ المبتدعةَ قليلةٌ جداً، ثم كان مِن أمرِ عليٍّ ما كان، فنجمَتْ طائفةٌ أخرى حاربُوه، ثم اشتدَّ الخَطْبُ فتنقَّصُوهُ، واتَّخَذُوا لعنَهُ على المنابر سُنَّةً، ووافقهم الخوارج على بُغْضِهِ، وزادوا حتى كفَّرُوهُ مَضمُوماً ذلك منهم إلى عثمان، فصار الناسُ في حقِّ عليٍّ ثلاثةً: أهلَ السُّنَّةِ؛ والمبتدعةَ مِن الخوارج؛ والمحاربين له من بني أمية وأتباعهم، فاحتاج أهلُ السُّنَّةِ إلى بثِّ فضائلِهِ، فكثُرَ الناقلُ لذلك؛ لِكَثرةِ مَنْ يخالِفُ ذلكَ؛ وإلا فالذي في نفس الأمر أنَّ لكلٍّ مِن الأربعةِ مِن الفضائل إذا حُرِّرَ بميزان العدل، لا يخرُجْ عَن قولِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعة أصلاً ... ).