دلَّتْ أحاديثُ هذا المبحث على عناية وبِرِّ فاطمة بأبيها - صلى الله عليه وسلم -، مع محبتها البالغة، وقد اجتمع عليها حقان عظيمان: بر الوالدين، وحق نبيها - صلى الله عليه وسلم -، فقامت بهما أتم قيام - رضي الله عنها -.
ومن البَدَهي أنه لايمكن القول بأنَّ صُوَرَ بِرِّهَا هي ما ورد في الأحاديث المنقولة فحسب، لأن اليقين أنها بذلت جميع صُور البر والإحسان لأبيها - صلى الله عليه وسلم -، لكن الحديث هنا عن المرويات الواردة فحسب، ومن خلالها يمكن تقسيم برها إلى محاور:
[نصرتها لأبيها - صلى الله عليه وسلم -]
فقد ظهر ذلك جليَّاً في عِدَّة أحاديث:
١. كما في الحديث الأول من هذا المبحث، حينما قدمت ـ وهي جارية صغيرة دون البلوغ ـ لترفع الأذى عن والدها - صلى الله عليه وسلم -، ثم تتوجَّه إليهم ـ وهم كبار قريش ـ فتسبُّهم، ولم يَتعَرَّضوا لها - رضي الله عنها -.
قال ابن هبيرة (ت ٥٦٠ هـ) - رحمه الله -: (وفي هذا الحديثِ دليلٌ على ما خصَّ اللَّهُ تعالى به فاطمةَ البتول مِن رفع ذلك عن أبيها - صلى الله عليه وسلم -، ولعلَّ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مكثَ ساجدَاً لا يُلقِي ذلك عن ظهره